نظم مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ندوة تحت عنوان (الحراك الثقافي في مواقع التواصل الاجتماعي). وهذا موضوع جيد وجاء في وقته ويعكس مواكبة هذا المركز للمستجدات والمتغيرات والتفاعل معها. وحين نتحدث عن مواقع التواصل الاجتماعي فنحن نتحدث عن وسائل غير تقليدية أتاحت مساحة أوسع للمشاركة الاجتماعية ونقل نبض الشارع ليكون في متناول الجميع بعيداً عن أنظمة الوسائل التقليدية. السؤال هو: هل تغير الوسائل يؤثر على تغير المضمون؟ سوف ننتظر نتائج هذا اللقاء ولكن هذا لا يمنع من ابداء بعض الملاحظات على خطاب التواصل الاجتماعي شكلاً ومضموناً وهي مجرد ملاحظات أو انطباعات مبدئية والموضوع يحتاج الى دراسة لتحليل هذا الخطاب ومدى اختلافه أو توافقه مع الخطاب الثقافي السائد. 1/ القضايا العامة التي تطرح في مواقع التواصل الاجتماعي هي قضايا في بعض الأحيان تكون ذات أولوية مع ملاحظة أن التحاور حول هذه القضايا المهمة يتم أحياناً بأسلوب لا يتفق مع هذه الأهمية ويغلب عليه الطابع العاطفي أو ردود الفعل الانفعالية. ويلاحظ أنه في أحيان أخرى تتحول قضايا هامشية الى قضايا مهمة بمعيار هذا الخطاب. 2/ يلاحظ على لغة الخطاب في مواقع التواصل الاجتماعي أنها لغة بسيطة ومباشرة وقد تصل أحياناً الى لغة غير لائقة لأنها تكتب تحت تأثير الانفعال وضغط الوقت وأحياناً الرغبة في الإثارة. 3/ وفي خطاب التواصل الاجتماعي يلاحظ أن عنصر الموضوعية في الحوار يحتاج الى تفعيل وتطوير بل هو في كثير من الأحيان عنصر غير موجود، ويحل مكانه عنصر التطرف وشخصنة النقاش. 4/ ويرتبط بما سبق سهولة اطلاق الآراء والأحكام القاطعة دون الاستناد الى حقائق ومعلومات موثقة. وقد تنطلق تلك الآراء والأحكام بل والاتهامات استناداً الى اشاعات. 5/ هناك إيجابيات كثيرة لخطاب التواصل الاجتماعي ويكفي أنه نافذة للحوار وتبادل الآراء وطرح القضايا الوطنية ومتابعة احتياجات إنسانية ملحة والتفاعل معها ومتابعتها. هذا التفاعل الإيجابي لخطاب التواصل الاجتماعي يجعل من هذا الخطاب شريكاً في الحل وليس سبباً من أسباب المشكلات وهذه الشراكة تتطلب عدم التسرع في إصدار الأحكام أو إعلان الأخبار وعدم التركيز على الإثارة أو على الأعراض دون مناقشة الأسباب. عندما يكون هذا الخطاب شريكاً في الحل فسوف يضع لنفسه المعايير الصارمة التي يحتكم اليها في تقييم مضامينه وأساليبه ولغته وحتى أهدافه. وأخيراً فإن الخطاب الثقافي بشكل عام سيكون مؤثراً بشكل إيجابي حين يتناول القضايا العامه برؤية مستقبلية ويبتعد عن فتح مسارات الجدل حول الهوامش، ويقود الفكر الإيجابي نحو المستقبل الأفضل في كافة المجالات.