حينما تلوذ بأماكنك، التي عرفتك وألفتك، يأسرك المكان بفوحه وبوحه.. تنسكب الأصوات في أذنيك.. عابرة كل الحواجز.. لا يحول بينها وبينك حائل.. تحيطك بهالة من ضياء، تتوافق فيزيائيتها مع كيميائية نسيجك، فلا يقترب منها إلا (ما) و(من) يتوافق معك.. هالة عالية الطاقة.. تصعق المتطفلين على مشاعرك.. لا يدنو منك إلا من يعرف شفرتك ويحمل كلمة السر.. كأنها تقول: انتبهوا.. هذه منطقة خطرة.. لا مكان هنا للغرباء..! ....... كيف تحضر كل أشيائك في لحظة تتجمع في كتلة واحدة، وقتما يستدعيها الشوق والحنين؟! تأتي النسائم بعطر ليس ككل العطور.. عطر يحمل بصمتك وملامحك.. يجيء بنزقك، تقدمه ضحكتك العابثة وروحك الهائمة.. إنها اللحظة التي تتوقف فيها ساعات العالم.. وتذوب كل الأصوات في الصمت.. حينها لا تبقى إلا موجة واحدة، تحمل صوتك العابر للقارات: "مو بس أنا حبيبي الأماكن كلها مشتاقة لك جيت قبل العطر يبرد قبل حتى يذوب في صمتي الكلام.. واحتريتك"..! ...... آخر السطور، من بوح أحلام مستغانمي: نحن لا نشفى من ذاكرتنا.. ولهذا نحن نكتب.. ولهذا نحن نرسم.. ولهذا يموت بعضنا أيضًا..!