ثمانية طلاب جامعيين يتحلقون حول مائدة الغداء في «سوق الحلويات البنغالية» الطافحة رفوفها بالمعجنات المقلية ومعجون الكاشيو والسمبوسك الاسفنجي العائم في السكر الذائب. وينفجر هؤلاء بالضحك عند سؤالهم إذا كانوا ينتبهون لما يأكلونه. وتقول ميغا كاوشيك (21 سنة) قبل ان تطلب طبق التشاومين الصيني لجميع أفراد المجموعة الذين يتراوحون بين النحافة والسمنة: «كل يوم نأكل الهامبرغر مع الجبنة وآيس كريم الشكولاتة والكراميل مع الكثير والكثير من المكسرات. غير ان القلق بدأ يساور الخبراء. ففي حين تسعى الهند إلى القضاء على سوء التغذية في المناطق الريفية الفقيرة يزداد أغنياء المدن تخمة وكيلو غرامات زائدة بفعلة الحياة الخاملة والوفرة المتنامية في المأكولات التي تحتوي على السكر والدهون بكميات كبيرة. وفي حين يمثل سكان المدن خمسة في المائة فقط من مجموع سكان البلاد والذي يزيد عن المليار نسمة، فهم يستهلكون 40 في المائة من إجمالي استهلاك الدهون في البلاد، حسب صحيفة «ذي تايمز أوف إنديا». وفي نفس البلد الذي قضت المجاعة على أربعة ملايين شخص في العام 1943م، تقول «جمعية الطب الهندية» ان واحداً من كل ثلاثة من سكان دلهي أصبح سميناً. ويستهلك سكان العاصمة اليوم 20 في المائة من الدهون و40 في المائة من السكر أكثر مما كانوا يستهلكونه قبل 50 عاماً. أضف إلى ذلك ان إحصاءات منظمة الصحة العالمية تبين ان السمنة تزيد احتمال الإصابة بأمراض القلب ثلاثة أضعاف وتضخم بطون سكان المدن الهندية وتسبب أعداداً كبيرة من الإصابات بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم والأزمات القلبية. ويشير اغراوال إلي ان الهنود أكثر عرضة للإصابة بالأزمات القلبية. وان متوسط أعمار الهنود المصابين بمثل هذه الأزمات وهو (45 سنة) هو أدنى بعشر سنوات من ضحايا المرضى الأمريكيين. كما ان السكتات القلبية هي أكثر حدة بين الهنود مما يسبب عدداً أكبر من الوفيات المفاجئة. والإحصاءات منذرة أيضاً بالنسبة لعنصر الشباب في الهند. فواحد من كل عشرة من سكان نيودلهي من عمر 14 إلى 24 سنة سمين وخمسة بالمائة يعانون من ارتفاع ضغط الدم، حسب معهد العلوم الطبية الهندي. وعلى الصعيد العام في البلاد بات 31 في المائة من سكان المدن الهندية إما زائدي الوزن أو سمينين حسب البروفسور أنوب ميسرا، خبير أمراض الأيض (التمثيل الغذائي) في «معهد الهند للعلوم الطبية» وهو معهد الطب الرئيسي في البلاد. ويستعمل الخبراء مقياس نسبة الطول إلى الوزن «يدعى (mass index-Body) أوMBI»، لتحديد أطياف الوزن. عملاً بهذا المقياس يعتبر زائد الوزن كل فرد يصل مؤشره إلى 25 وما فوق، فيما يسجل السمينون علامة 30 وما فوق. إلاّ ان هذه المستويات مبنية إلى حد كبير على القوقازيين (البيض). وبما ان لدى الآسيويين عادة نسباً مئوية أعلى من الشحوم في أجسامهم، يقول ميسرا ان حتى أولئك الذي يقل مؤشر كتلة أجسامهم يحتمل ان يواجهوا مشاكل صحية. ولا يزال الباحثون يعملون لجمع إحصاءات عامة في كل أنحاء البلاد إلاّ ان الدراسات الحالية قد حفزت الحكومة على اتخاذ إجراءات. وقد انضمت الحكومة إلي خطة لمنظمة الصحة العالمية تنص على اتخاذ تدابير واستراتيجيات بينها تعميم وجبة غداء صحية أكثر في المدارس ووضع ملصقات موحدة على المأكولات الأخرى. وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في الهند تشيريان فارغينز أنه مع ان الحكومة غير ملزمة بالخطة فالخطة هي «في الحقيقة علبة أدوات تظهر التزامها». المأكولات الهندية ليست متدنية السعرات. فإضافة إلى الأطعمة الأساسية المحلية، مثل أطباق البطاطا والمرق والخبز المشبع بالغي - وهو نوع من الزبدة المكررة - يتخم الهنود أنفسهم في الاحتفالات والمهرجانات العديدة بمختلف أنواع الحلويات. وتقدم للضيوف وأفراد العائلات أنواع السكاكر في المناسبات الاجتماعية كأعياد الميلاد والجنازات وكل الأعياد والعطل التي تقع بينهما. ومع ذلك، يقول اختصاصي طب القلب الوقائي ك.ك. اغراوال ان مأكولات الجنك الغربية هي العنصر الرئيسي والتي تقلب الموازين لزيادة الوزن المتنامية. ويضيف اغراوال ان «أي مواد غذائية محضرة اصطناعياً بالنشويات - كالأرز والخبز الأبيض والسكر الأبيض - تسبب مشاكل. إن السمنة هي اختلال صحي وهي إدمان سيىء كالتدخين، والهنود لا ينتبهون لصحتهم بشكل جدي».