نظّم كرسي الأمير سلمان بن عبدالعزيز لدراسات تاريخ المدينةالمنورة بالجامعة الإسلامية رحلة علمية إلى محافظة الحناكية شرقي المدينةالمنورة لأكثر من 150 طالباً من طلبة الدراسات العليا في قسم التاريخ بكلية الدعوة وأصول الدين. وقد انطلقت الرحلة إلى محافظة الحناكية مروراً بمركز الصويدرة والتي كانت تسمى قديماً بالطَّرْف، حيث كان رئيس المركز عبدالله بن مرزوق السحيمي في استقبال الوفد، ثم واصل الوفد رحلته متجهاً إلى الحناكية فتمّ المرور بالشقرة والتي ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مرّ بها وتوقف عندها أثناء توجهه لنخل، وهناك كان محافظ الحناكية محمد بن حبيب الرحيلي في مقدمة المستقبلين، وبعد الاجتماع نُظمت محاضرة بعنوان "غزوة ذات الرقاع" ألقاها الدكتور تنيضب الفايدي، سلّط فيها الضوء على موقع الغزوة ومجرياتها. وقد أوضح الدكتور الفايدي أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبدأ بحرب، بل لم تكن هنالك غزوة أو سرية إلا يوجد وراءها سبب، إما درءاً لظلم أو دفاعاً عن المسلمين في المدينة، حيث إن عدد من استشهد من الصحابة خلال عشر سنوات بلغ 1018 رجلاً، وقد حققت غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم هدفها في انتشار الإسلام، ويمكن أن يطلق على هذه الغزوات "الحرب العادلة" ومنها غزوة ذات الرقاع. وأكد الدكتور الفايدي أن كل المواقع التي مرّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم تقع ضمن ما يسميه ب"السيرة المكانية" حيث إن سيرته عليه الصلاة والسلام هي المصدر الثاني للتشريع، وعن سبب تسمية هذه الغزوة بذات الرقاع أوضح الفايدي أن الأمر محل خلاف بين المؤرخين فمنهم من يرى أنها سميت بذلك لأن المسلمين رقّعوا الرايات، وقيل لأنها وقعت بالقرب من جبل مرقّع أي يحتوي على صخور بِيض وحُمر وسُود أو لأنهم لفُّوا الرقاع على أقدامهم. د. تنيضب الفايدي وحول تاريخ غزوة ذات الرقاع قال الفايدي إنه أيضاً محل خلاف بين المؤرخين، فقد قيل إنها وقعت في السنة الرابعة للهجرة، وقيل في السنة الخامسة، وقيل إنها وقعت في السنة السابعة كما هو عند الإمام البخاري، ولم يحدث قتال في هذه الغزوة حيث كان هدفها صد هجوم على المدينة من قبل قبيلة غطفان وفروعها، وعندما وصل الرسول صلى الله عليه وسلم لموقع الغزوة انتشرت غطفان وفروعها في الجبال، ولكن استشهد فيها أحد الصحابة بعد أن أصابه سهم جرحه. وبعد ذلك فتح المجال أمام الحضور للأسئلة والمداخلات التي أثرت المحاضرة. وقد أوضح أستاذ كرسي الأمير سلمان بن عبدالعزيز لدراسات تاريخ المدينةالمنورة الدكتور سالم بن عبدالله الخلف أن هذه الرحلة العلمية تأتي ضمن أهداف الكرسي في خدمة تاريخ المدينةالمنورة، وقد حققت أهدافها المبتغاة بفضل الله تعالى ثم تضافر الجهود، مقدّماً الشكر لكل من دعم هذه الرحلة وفي طليعتهم سعادة محافظ الحناكية محمد بن حبيب الرحيلي الذي كان لجهوده المشكورة دور في إنجاح هذا اللقاء بحمد الله.