استمرار الصمت لفترات تطول أو تقصر لا يعني أبداً الخوف، أو عدم القدرة على المواجهة وكشف الحقائق. هذا ما يجب أن تعيه إيران والإيرانيون في تعاملهم مع المملكة. صحيح اننا بلد مسالم وآمن، يحرص على أن يسود هذا الأمن والاستقرار كافة أرجاء العالم، ولكن في الوقت نفسه نحن دولة لها كيان قائم، ولديها ثوابت ومبادئ لا يمكن لها أن تحيد عنها، ولو كلفها ذلك الشيء الكثير. ماذا تريد إيران منا؟ الجواب بسيط: إنها تريد زعزعة الأمن وبسط النفوذ، ولكن هيهات أن يكون لها ذلك في ظل دولة قوية بعقيدتها وقيادتها وأبنائها وقدراتها. سعت إيران في الماضي، ولا تزال تسعى، إلى زعزعة الأمن في المملكة بشتى الوسائل، حتى انها استغلت مواسم الحج منذ سنوات طويلة لتعكير الصفو والإساءة للمملكة، وشملت هذه الوسائل استخدام السلاح والمنشورات والمظاهرات، وكل ذلك، ولله الحمد، تحطم على صخرة الوحدة والتماسك في السعودية، التي تزداد صلابة مع الأيام. نحن أقوياء، ونزداد قوة بوحدتنا واتحادنا مع الأشقاء في دول مجلس التعاون، وهذا ما يزيد إيران قلقاً وتوتراً. إيران، بمخططاتها الدنيئة، تنقلت وزرعت عملاءها في دول المجلس، وأنفقت المليارات كي تحصد الولاء والانتماء وزعزعة الأمن ولكن، بحمد الله، لم يتحقق لها شيء من ذلك. إن سياسة المملكة دائماً هي العمل بصمت، والتلميح أحياناً دون التصريح في إعلان اسم من يعتدي عليها، أو يحاول المساس بأمنها ووحدتها، ولكن (للصبر حدود) ويجيء وقت لا بد فيه من كشف الأوراق والحديث بكل شفافية. قامت إيران بتوظيف شبكة للتجسس في المملكة، وهو تصرف منافٍ للأعراف والمواثيق الدولية. وبتوفيق من الله تم كشف هذه الشبكة، وصدر بيان أوليّ يعرّف بنشاطها والمتورطين فيها دون النص على الدولة التي وراءها. حاول الإيرانيون بعد ذلك جاهدين درء الشبهة عنهم وانهالت التصاريح الواحد تلو الآخر للنيل من المملكة. هنا كان لزاماً على المملكة توضيح ما حصل، وجاء بيان وزارة الداخلية الأخير ليعلن أن المتورطين في شبكة التجسس كانوا بإيعاز وتدبير من إيران، وقد أشاروا في اعترافاتهم إلى ارتباطهم المباشر بأجهزة الاستخبارات الإيرانية. هذا يعني، بكل وضوح، أن السلطات الأمنية في المملكة كانت تعرف من البداية كل التفاصيل ولكنها لم تكن ترغب في هذا الإيضاح لولا مكابرة الإيرانيين ومحاولتهم التدليس وإخفاء الحقيقة. إضافة إلى عمليات التجسس والاعتداءات التي تقوم بها السلطات الإيرانية، تعمد هذه السلطات إلى استغلال وسائل الإعلام في الترويج لأفكارها ومخططاتها وقلب الحقائق. رأينا في أحداث سابقة كيف تعمد القنوات الإيرانية والقنوات الأخرى المأجورة لها إلى بث أخبار وتعليقات لا تمت للحقيقة بصلة، وكيف أنها صورت ما حدث في بعض دول المجلس على نحو يدعو للضحك والسخرية باستخدام صور قديمة ومركّبة، وبث لعبارات وأخبار تجانب الحقيقة، إضافة إلى استدراج بعض المتحدثين المأجورين لطرح وجهات نظر تتفق والسياسة الإيرانية. المسؤولية كبيرة اليوم أمام المواطن بصموده وتحديه لكل محاولة للنيل من بلادنا وأمنها. رجل الإعلام هو الآخر مطالب بأن يسخر قلمه وفكره وإنتاجه لفضح وتعرية التآمرات الإيرانية، واستغلال كل وسيلة إعلامية لتحقيق هذه الأهداف. الحملة الإيرانية شرسة ولكن صمود المواطن ووعيه وإدراكه وحبه لوطنه يشكل صخرة صلبة شامخة تتكسر عليها كل محاولات من أراد أن ينال من بلادنا من قريب أو بعيد.