كان لا يزال داخل الصورة.. داخل إطارها.. محاطاً بكل متعلقاتها.. لم يخرج.. لم يُخرجه أحد.. ولم يسارع هو إلى الخروج.. كما يعتقد لاحق نفسه بهواجس متعددة.. اقترب أحياناً من حافة المغادرة بإرادته.. أصرّ على العبث بكل شيء.. وكأنه يسعى إلى العثور على شيء ما يبحث عنه.. طارده سوء فهم مزمن.. هكذا كان سلوكه.. ومسيرة تحركاته.. التي يفسرها بالبحث عما يريد.. لا فرق عنده بين البحث عما يريده.. أو البحث دون أن يجد شيئاً.. في نطاق استرسالك في الحصول على ضمانات منه لعدم العبث بالصورة تحاول أن تطرح فكرة أن كلاً منا يستطيع أن يقول ما يشاء.. يتحرك حيثما يشاء طالما لا يبتز أحدا.. أو يشكل خطورة عليه.. أو ينقض على ما يخصه.. فهو في النهاية لا تسترسله سوى الكلمات أياً كانت مغلقة.. أم مفتوحة على الآخر.. ولا يملك غيرها إن كان مسالماً.. وعليه بجدية اختيار التعبير المناسب للعثور على ما يبحث عنه.. واجتياز عنق الزجاجة الذي يضيق دوماً كلما حاول النفاذ إليه بقوة.. ليس بالإمكان فعل كل شيء عنوة.. وليس بالإمكان تخريب كل الأشياء بداعي البحث داخلها.. فالبحث مرتبط عادة بما نبحث عنه، وأهميته، وجدوى إضاعة الوقت للحصول عليه.. مرتبط عادة بالإرادة.. وتحققه مكفول بتكريس مفهوم ماذا نريد من البحث؟ وماذا نريد من تكريس لحظات هذا البحث الذي يتسم بالعبث في أغلب الأحيان..؟ في إطار غرقه داخل دائرة البحث المفتوحة اعتقد أنه قادر على الإحاطة بكل شيء.. قادر على تمزيق كل ما يحيط بالآخرين وليس به.. قادر على اجتياز البحث بسرعة حتى دون تكلف العناء. كُنتَ تتابع.. وتشاهد مُعتقداً.. انه قد يفقد حماسه تماماً في رحلة البحث هذه.. متعجباً من طريقة معالجته لأمر يبدو أنه لا يستحق هذا العناء.. رفض أن يخرج من مساره المفتوح الذي أراد أن يعيش داخله.. أصرّ على رحلة العيش بمساحات يحدوها قلق دائم.. غرق بين كل مسار ومسار آخر.. حافظ على تقاريره التي يرسلها لنفسه فقط وكأنها مفردات تنطلق من الداخل وتتوالف أيضاً في الداخل.. ظل يقترب دوماً من حدود الفشل في النتيجة، وكلما حاولت ردعه.. للتوقف.. وإعادته إلى مكانه مصراً أن الصورة أيضاً في مكانه..اندفع محاولاً تصحيح ما يعتقد أنه وضعه.. وهذا التصحيح لن يتم إلا بالبحث ومع طول هذا البحث.. هل وجد ما يريد؟ هل سيتوقف؟ هل عليك أن تلمّ بتفاصيل هذا الطريق الذي اخترعه وحده، وسار فيه ولا وجود له أصلاً؟!