ربما لم يكن بخلد الروائي المبدع يوسف المحيميد أن يحصد برواياته الجوائز الواحدة تلو الأخرى؛ حيث نال جائزة أبو القاسم الشابي، وجائزة ألزياتور الإيطالية، والقائمة القصيرة لجائزة جان ميشالسكي السويسرية، ومؤخراً حازت روايته "رحلة الفتى النجدي" على جائزة وزارة الثقافة والإعلام للكتاب لعام 2013، وهي رواية صغيرة بمبناها كبيرة بمعناها، كتبها المحيميد بدقة وصفية عالية. نصوص مكثفة وصور مبهرة صاغتها لغته الأدبية الأنيقة. لنقرأ هذه الصورة من الرواية عن سيرة "صالح" في الرواية:"اقترب من واحةٍ في كبد الصحراء، تتناثر فيها نخلات قصيرة وبعض العشب الطويل الفوضوي، قرر أن يستريح من عناء السفر. أناخ ناقته الحمراء واسترخى تحت جذع نخلةٍ متوسطة الطول ونام قليلاً فرأى في المنام أنه يشد بين يديه أمعاء طويلة جداً، كلما شدّها ازدادت طولاً بين يديه، حتى رأى أنه يلف العالم وهو يشد أمعاء طويلة لا تنتهي". عن روايته يقول المحيميد: "هي رواية للفتيان تتناول حكاية نجدية قديمة، بدأت مع مطلع القرن الماضي، تتبعت رحلة فتى في الخامسة عشرة من عمره، اختلفت عن رحلات رجال العقيلات، وإن كانت تشابهها في البحث عن الذات، حيث ينطلق الفتى ابن الإسكافي أو "الخرَّاز" كما يسمى في منطقة القصيم بحثاً عن حلمه في حكاية تشبه الحلم، أو في حلم يشبه الحكاية". حكاية من 112 صفحة فقط، جال فيها بين أحراش الحقول والعشب، بين القرية والنخلة، في الأقاويل والحكايا في العادات. يكتب المحيميد بحرية فهو عدو للرقابة، إذ رأى أننا في السعودية:"نملك كل شيء ولدينا الكثير من المواهب في الكتابة ولدينا عدد كبير من الأسماء التي تحاول وتجتهد ولدينا عدد هائل من القراء ولدينا مستوى تقني وتكنولوجي رائع جدا لكن للأسف ينقصنا أمر مهم جدا وهو التحرر من الرقابة السابقة على نشر الرواية سوف تتحول الرياض ربما إلى مدينة تشبه بيروت أو تتفوق عليها. وفي هذه اللحظة عندما يجد الناشر في السعودية أنه في حل من الرقابة وأنه هو من يتحمل المسؤولية ستجد الكثير من الأعمال المتميزة ستحقق الانتشار في الداخل"! بآخر السطر فإن حاصد الجوائز يوسف المحيميد له تجربة روائية تستحق الدراسة والبحث، وهذه مهمة الأكاديميين، أما الشباب والفتيات فلديهم إرث رائع لهذا الروائي البارز يمكنهم الانطلاق منه واستلهام تجربته الحيّة.