ما هي علاقتك بالمدن؟ هل أنت من هؤلاء الذين يمرون بالمدن ولا يرون وجهها ولا يعرفون أن لها روحاً وعقلاً وقلباً؟ هل أنت من الذين يقفزون من طائرة إلى أخرى منتقلين من أقصى أطراف الأرض إلى طرف آخر غير منتبهين إلى الوجوه التي تتغير ملامحها ولا الشوارع التي تضيق أو تقصر ولا إلى المباني التي يتغير لونها ولا إلى البحور والأنهار؟ ما الذي يجعل شخصاً يقول عن بلد إنه أجمل بلد في الدنيا رغم أنه لم ير الدنيا كلها؟ هل هي روح هذا البلد أم تجربته الشخصية في هذا البلد أم حكاية عاشها هنا أم أناس قابلهم؟ ما الذي يصنع روح المدينة.. أهم الأشخاص أم مزاج الزائر المتفرج هذا الذي يمر مرور الكرام وقد يعاود المرور وقد يدمن الزيارة فيكررها! أنت تشعر أحياناً أنك صغير مثل النملة عندما تجد نفسك في مدينة كبيرة لم ترها من قبل، الغربة تقصر من هامتك، تأخذ شيئاً من ثقتك بنفسك، وأنت قد تشعر أنك في بيتك ومنزلك حين تكون في مدينة تحبها حتى وان كنت لا تتحدث لغتها، وأنت قد تشعر ان هناك مدناً تعيش داخلك وهناك مدن أنت تعيش داخلها. فهناك مدينة تحضنك ومدينة تحتويك ومدينة تركلك ومدينة تصفعك كفاً ومدينة تأسرك ومدينة تغمض عينيك حتى لا ترى بشاعتها. علاقتك بالمدن مثل علاقتك بالأشخاص، فهناك الذين تبدأ حديثاً طويلاً معهم منذ أول لقاء وتشعر أنك تعرفهم منذ زمن، وهناك من تربطك بهم علاقة صمت، وهناك الممتلئون حياة ومشاعر وهناك الذين يجيدون الصد ويفضلون الانسحاب، وهناك من يثيرون الغضب فيك وهناك من يثيرون مشاعر حب جميلة تتمنى لو أنها لا تتغير ولا تزول، هناك من تحب ان تطالع وجوههم وتتأملها دائماً وهناك من تريد ان تشيح بوجهك عنهم كرهاً أو مللاً أو حتى بدون سبب واضح، وهناك مدن تلبس أقنعة وهناك مدن تتجمل وهناك مدن لا تعبأ بما يفكر به الآخرون! أي المدن تحب؟ أي المدن تسكنك؟ أي المدن التي تسعى لها حتى ولو رفضتك؟ أي المدن التي تحبها من جانب واحد وتقول لها شعراً وتغني لها مواويل الحب والغرام؟ الإجابة.. قد تكون.. المدينة التي تشبهك! العنوان البريدي: ص. ب 8913 الرياض 11492