مع بدء العد التنازلي لانطلاق مؤتمر الحوار الوطني الشامل غدا الاثنين، استنفرت السلطات اليمنية قوات الامن والجيش ونشرت عددا من هذه القوات في الشوارع الرئيسة للعاصمة ومداخلها ، كما اعلنت منع حمل السلاح والمواكب والمجاميع المسلحة، بهدف ايجاد بيئة آمنة للحوار والمشاركين فيه. وقال وكيل وزارة الداخلية لشؤون الامن اللواء عبدالرحمن حنش انه تم نشر قوات من الامن والجيش في شوارع العاصمة وعند مداخلها كما تم منع التجوال بالسلاح حتى للشخصيات المرخص لها بحمل السلاح باستثناء بعض قادة الدولة ومنع المواكب المسلحة لبعض شيوخ القبائل والشخصيات الاعتبارية. وقال حنش ل"الرياض" انه جرى تشكيل غرفة عمليات مشتركة من وزارة الداخلية والدفاع بهدف التنسيق والترتيب لكل هذه الاجراءات بهدف خلق بيئة آمنة ومستقرة يتحاور فيها المشاركون في المؤتمر. واكد ان الوزارة سبقت هذه الاجراءات بتنفيذ حملة توعوية في المدارس والجامعات بهدف خلق رأي عام يعتبر الامن قضيته الاسياسية. واضاف:" اتخذنا الاجراءات اللازمة ولدينا القدرة والاستعداد لمواجهة اي طارئ وفي اسرع وقت ممكن." المؤتمر الذي يشارك فيه 565 مشاركا يمثلون مكونات سياسية واجتماعية مختلفة يناقش تعقيدات اليمن الكبرى وابرزها قضية الجنوب في ظل ارتفاع الدعوات المطالبة بالانفصال، علاوة على قضية صعده، المصالحة الوطنية، العدالة الانتقالية، بناء الدولة والحكم الرشيد، اسس بناء الجيش والقوى الامنية، تشكيل لجنة صياغة الدستور، الحقوق والحريات، والتنمية الاقتصادية، والاجتماعية بهدف ايجاد حلول توافقية لها والخروج بعقد اجتماعي جديد لكل اليمنيين. وقال امين عام المؤتمر الوطني الدكتور احمد بن مبارك ل"الرياض" ان المؤتمر يمثل اهم محطة من محطات الانتقال السلمي للسلطة بموجب المبادرة الخليجية . واضاف ان هذه اليوم "له دلالة رمزية وهو بداية لعهد جديد للتوافق بين كافة الاطراف." واعتبر بن مبارك المؤتمر لحظة تاريخية غير مسبوقة لجميع اليمنيين، مشيرا الى ان المشاركة لن تقتصر فقط على المشاركين، بل ان هناك خطة لمشاركة محلية واسعة تمثل حزام امان من الجميع لايصال اصواتهم الى المؤتمر ، ويطلعوا على ما يحدث فيه. واكد بن مبارك ان القضية الجنوبية تمثل القضية الرئيسية في المؤتمر وكان هناك حرص على تمثيل الجنوب بنسبة 50% في كل نسب المكونات وتم تخصيص 85 مقعدا للحراك الجنوبي الذي رفضت بعض مكوناته المشاركة. ويرى مراقبون ان التحديات التي تقف امام المؤتمر تتأتى من تعقيدات القضايا المزمنة التي يناقشها المشاركون في هذا الحدث الاهم الذي يعد احد ابرز محطات العملية الانتقالية ، لكن القائمين على هذا المؤتمر يؤكدون ان التحضير الجيد، ووجود ارادة شعبية ودولية غير مسبوقة داعمة للمؤتمر تمثل ضمانات هامة لانجاحه. ويؤكد بن مبارك ان هذه المؤتمر هو الاكثر تحضيرا واستعدادا من الناحية الفنية في التاريخ اليمني، علاوة على وجود ارادة شعبية داعمة للمؤتمر كون مستقبل البلاد يتوقف على نتائجه، هذا بالاضافة الى الرعاية الاقليمية والدولية الكبيرة. وذكرت مصادر يمنية رسمية ان عددا من الشخصيات الدولية المرموقة دعيت للمشاركة في افتتاح أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل غدا الاثنين بدار الرئاسة بصنعاء تجسيدا للامتنان اليمني لدور المجتمع الدولي في إحلال السلام والتوصل إلى الوفاق الوطني. وقالت ان من بين الشخصيات التي تم دعوتها أمين عام جامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي والدكتور عبداللطيف الزياني أمين عام مجلس التعاون الخليجي، وشخصيات رفيعة المستوى في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والبنك الدولي وعدد من الوزراء في الدول الراعية للمبادرة الخليجية. وعقب الجلسة الافتتاحية سيتم تشكيل فرق لمناقشة القضايا التي سبق ذكرها وعلى مدى سته اشهر. ويجمع الكثيرون ان مؤتمر الحوار الوطني يعتبر لحظة فارقة في تاريخ اليمن، نظرا لما يمثلة من فرصة ذهبية للخروج بالبلد من ازماته الطاحنة، و من فوضى الولاءات العشائرية والقبلية التي تحكم البلاد الى افق الدولة القائمة على المساواة وحكم القانون واحترام التنوع.