لا أحب المثل القائل» الكذب ملح الرجال « ، لأن الكذب – في رأيي – صفة قبيحة في الرجل، لدرجة أرى فيها أن إطار الرجولة الحقة يفقد الكثير من سماته وقيمته في أي ذكَر إذا اخترقته صفة الكذب.. ولكن.. كم رجل لا يكذب فوق سطح هذه البسيطة؟ بعض الرجال لا يجدون حرجاً من الاعتراف – علانية - بأنهم يكذبون! يكذبون على المرأة، يكذبون على الأهل والأبناء، يكذبون على الأصدقاء والجيران، يكذبون على المرؤوسين.. وعلى الرؤساء! يكذبون.. حتى على الكذب ذاته!.. كيف ؟ هم يجمّلون كذبهم، ويصنّفونه ألواناً، ثم يدرجونه تحت مسميات عدة، من باب « تمشية الحال « ، و» تسهيل الحياة « و « النجاة بأقل قدر من الخسائر « ، أو « الخروج بأكبر عدد من المكاسب «!.. هل تذكرون الفيلم المصري «أنا لا أكذب ولكني أتجمل»؟ قد يحتد البعض منكم ويقول – لهذا – بات الكذب من ضرورات البشر وخيطاً أساسياً في نسيج الحياة، لذا هو يُخرجه من إطار القبح والخداع ويضفي شيئا من الشرعية المحببة على انتهاج مسلك الكذب ويصر على وضعه في قالب القول المأثور الذي يجعله» مِلحاً « يتجمل به الرجال! وماذا لو كذبت عليهم المرأة؟.. ماذا لو أمسكوها» بالجرم المشهود» تكذب ؟ هل يكون الكذب – لحظتها – ملحاً تتجمل به النساء أيضاً؟.. أم يصبح له مسميات أخرى تترتب عليها تصرفات مفصلية تزعزع الثقة في العلاقة بينهما؟ بعيداً عن هذه المقارنة.. تعالوا ننظر للكذب من زاوية أخرى: شرعاً هو لا يجوز حتى لو بالمزاح، لكنه قد يستحب للتوفيق والإصلاح بين طرفين، أو تمتين العلاقة الزوجية، كأن يمتدح أحدهما الآخر بما ليس فيه ليكسب وده أو.. ليتقي شره! لكن العجيب أن هناك من يشجع الأنواع المحرمة من الكذب ويرفض الأنواع الأخرى المباحة.. كأن يفضّل الكذب على مديره ليتملقه ويكسب وده، بينما يرفض أن يكذب على زوجته كذبة تمتدحها مخافة أن تصدّق نفسها.. وتتكبر عليه! ذات المنطق تجده عند بعض النساء.. تجود بالمدح الكاذب على العالم أجمع من حولها وتبخل به على زوجها مخافة أن يصدّق نفسه.. فيطير من يدها إلى امرأة أخرى! انظر حولك.. كم يوجد من مثل هذه النماذج ؟ .. وما العمل معها؟