انتشرت في الانترنت بعض الصور الجميلة والأخاذة لأفغانستان قبل الغزوات المتلاحقة. كان المشهد مهيباً. لبس الفتيات والشباب وهم يذهبون إلى المدارس. نظافة الشوارع والطرق. الترتيب العجيب في المناظر. كان كل شيء يسير على أكمل وجه. غير أن نوبات التطرف والغزو السوفييتي ومن ثم وصول طالبان إلى الحكم كل تلك المرحلة الممتدة من 25 ديسمبر 1979 وإلى اليوم كانت مرحلة ظلام لهذا البلد الذي كان جميلاً. لقد وقفت بنفسي خلال رحلتي إلى أفغانستان التي غطيت بها الحرب بين الفرقاء في العام 1998 كيف أن شوارع كابل كانت فسيحة، بما ينبىء عن تطور قديم باتت المآسي تكسوه بوجهها الكالح. وأفغانستان، ذات موقع جغرافي خطير للغاية، ما جعلها عرضة لاستهداف الدول الكبرى منذ مئات السنين، ومع ذلك لم يحافظ الأفغان على بلدهم وسلموه لجموع المتطرفين الذين أكثروا فيه الفساد بشكلٍ كبير، وساهم الغزو السوفييتي والغزو الأميركي في تفريخ التطرف والإرهاب هناك. قبل أيام شاهدت فيلم The Kite Runner وهو يُنسب لرواية خالد الحسيني الأفغاني الأصل السيناريو والحوار لديفيد بنيوف. قصة الفيلم تبدأ قبل الغزو الروسي، كان الأب في حوارٍ له مع الابن يضع الخطوط العريضة للأخلاقيات التي على الابن الاتصاف بها. قال الأب لابنه سيد أمير:"هل تريد أن تعرف رأي والدك عن الخطأ؟ هناك خطيئة واحدة وكل الخطايا من جنسها، هي السرقة. عندما تقتل رجلاً أنت تسرق منه حياته، تسرق حق زوجته في زوجها، حق أولاده في والدهم، عندما تكذب فأنت تسرق حق الشخص في معرفة الحقيقة، لا يوجد فعل رهيب مثل السرقة". التطرف سرقة للحياة وسرقة للفرح وسرقة لكل شيءٍ جميل في هذه الدنيا. أفغانستان تلك البلدة الطيبة الآمنة تحولت إلى مكان لإيواء المتطرفين والفلول من المقاتلين. بدلاً من قوة التعليم والنهضة والحضارة أصبحت حركة ثورية متطرفة مثل طالبان تهيمن وتسيطر، ومنها انطلقت تنظيمات إرهابية على رأسها القاعدة، ولها لجأ أعتى الإرهابيين في العالم وذلك لأسبابٍ كثيرة من بينها توفرها على تضاريس هي من أكثر دول العالم وعورة! بآخر السطر، إلى كل سراق الحياة من المتطرفين، أنتم تسرقون الحياة وتدمرون البلدان، فهل من آخذٍ من أفغانستان عبرة؟!