بات واضحاً وبما لا يدع مجالاً للشك أو التأويل أن اجتماع عمّان الذي رعاه الأمير علي بن الحسين رئيس اتحاد غرب آسيا وبحضور ممثلي الاتحادات الأهلية من أجل الخروج بصيغة توافقية بين المتنافسين الثلاثة على رئاسة الاتحاد الآسيوي (الشيخ سلمان بن إبراهيم، ويوسف السركال، والدكتور حافظ المدلج) انتهى إلى الفشل. ففي الوقت الذي لا زال يتبادل فيه المرشح الإماراتي والسعودي الغزل الخجول والمفضوح فيما بينهما، يصر المرشح البحريني على مواصلة تحديه والاستمرار في مشروعه؛ بل والتصلب في موقفه رغم صمته الإعلامي؛ ولا أدل على ذلك من مقاطعته الشخصية للاجتماع والاكتفاء بإيفاد نائبه، وفي ذلك رسالة واضحة أراد من خلالها القول: إنني لا أود أن أقطع حبال الود معكم، وبذلك أحضرت ممثلاً عني للاستماع إلا أن أي توصية يمكن أن تخرجوا بها لا تعنيني في شيء. تصلب الشيخ سلمان جعل غزل السركال والمدلج يذهب أدراج الرياح، بل وخلط الأوراق أكثر فأكثر، وهو ما يعني بوضوح أن ما قبل اجتماع عمّان شيء، وما بعده شيء آخر، بل إنني بت على يقين بأننا سنصبح بانتظار معركة هي أشبه بمعركة عض الأصابع، إذ سيغادر الساحة من يصرخ فيها أولاً؛ خصوصاً وأن المعركة التي كانت تميل إلى المناورات قبل اجتماع عمّان قد حمى وطيسها وأصبحت بانتظار مرحلة الاشتباك الفعلي. القراءة المنطقية والبعيدة عن أي عواطف أو حساسيات تقول بأن الدكتور حافظ المدلج سيكون أول المغادرين لمعركة التنافس على الكرسي الأكبر في القارة؛ إذ لم تعد المعركة حالياً تستوعبه، فهو قدم نفسه كمرشح توافقي، ولا يبدو التوافق حاصلاً، فالسركال وضح شروطه للتنازل، وهو أن يسبقه إلى ذلك الشيخ سلمان، في وقت يصر الأخير على المضي حتى آخر ورقة رهان لديه، وبالتالي فإن استمرار المدلج في المعركة سيحوله من مرشح توافقي إلى مرشح تنافسي، بل إلى مرشح تأزيمي، فإذا كانت اللعبة لا تستوعب شخصين، فكيف بها ستستوعب ثلاثة لاعبين. المدلج بكل الاعتبارات لا يصلح أن يكون مرشحا تنافسيا في ظل هذا السيناريو، ولذلك فإن بوصلة المرحلة تؤشر إلى أن المدلج سيسحب ترشيحه لمصلحة السركال، وبذلك يضمن أنه لن يحرق اسمه في معركة خاسرة، كما وسيضمن المحافظة على مقعده في اللجنة التنفيذية، الذي سيخسره حتماً في حال خسر معركة الرئاسة؛ لكنه سيضطر للتخندق مع السركال، فاللعبة لم تعد تقبل اللعب على حبلين. الأمور حالياً تذهب إلى التأزيم خليجياً ما لم يدخل على السيناريو المعقد أكبر اللاعبين السياسيين في المنطقة ومن كل الأطراف، فتدخل أصحاب القرار السياسي هو من سيحل العقدة، ويفك التشابك؛ لكن ذلك لا يبدو وارداً على الأقل حتى اللحظة، وبالتالي فإن اللاعبين الرياضيين سيواصلون تسعير نيران المعركة؛ خصوصاً مع اتضاح خطوط الإمداد الخليجية للسركال والشيخ سلمان. الآن استطيع الجزم بأن المشهد يرسم بوضوح تحالفاً بين اتحادات السعودية وقطر والإمارات لمصلحة السركال ومعه القطري حسن الذوادي الذي ترشح لتنفيذية (الفيفا)، فيما يرسم تحالفاً آخر بين الكويت وعمان والبحرين لمصلحة الشيخ سلمان، ولذلك فإن الصراخ في لعبة عض الأصابع سيصم الآذان حين تعلن المعركة نهايتها في الثاني من مايو المقبل.