دعا إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ حسين آل الشيخ المجتمع إلى التحلي بكل ما يجمع ولا يفرق وإلى التحبيب بين الناس لا التبغيض وإلى الصبر الذي يمنع من القيام بما تعلم عاقبته، لاسيما في وقت الفتن، محذراً من الخروج على الحاكم المسلم ما لم يروا كفرا بواحاً وفق شروط يقررها علماء الأمة لا عامتها. وقال فضيلته: على الرعية وعلى المجتمع أن يقوموا بحقوقه للراعي التي من أهمها طاعة الراعي في معروف طاعة الحاكم في غير معصية الله جل وعلا والحفاظ على السمع والطاعة ما لم يؤمروا بمعصية وأن يبذلوا المناصحة وفق الأصول الشرعية سرا لا علنا، بالرفق واللين واللطف وعلى الرعية الدعاء للحاكم بالتوفيق والصلاح والسداد، عليهم إعظام حق السلطان والحفاظ على إكرامه وتبجيله، وعلى الرعية الصبر على جور الحاكم إن جار أو ظلم ففي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها " قالوا فما تأمرنا يا رسول الله، قال: " أدوا اليهم حقهم، وسلوا الله حقكم "، وعلى الرعية الحذر أشد الحذر من الخروج على الحاكم المسلم ما لم يروا كفرا بواحا، وفق شروط يقررها علماء الأمة لا الدهماء والعامة. وأضاف: إن على الحكام جميعا أن يسيروا في الرعية في بلاد المسلمين بقاعدة العدل، وان يحذروا من الظلم أو تمكينه في بلدانهم في شتى صوره ومختلف أشكاله، قد لايقع الظلم من ذواتهم وإنما يقع من بطانتهم، أو من ممن ولوه على المسلمين فيكون المسؤول حينئذ الحاكم فإن الله جل وعلا يقول في الحديث القدسي: " إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما " فبالعدل يأمن الحاكم والمحكوم وبالظلم يعم الشر على الجميع، وينتشر الفساد وتحل في القلوب البغضاء، والأحقاد، وما هذه الثورات التي حدثت في بلاد المسلمين إلا صادق برهان على هذا الكلام، فعلى الحاكم أن يتفقد أحوال رعيته، وألا يشغله شاغل عن ذلك حتى لا يندم، وألا يحتجب دون حاجاتهم، وإلا فمتى حصل ذلك منه انفصمت العرى وحل الفساد العريض بين الحاكم والمحكوم، صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ولاه الله شيئا من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة "، وعلى الحاكم أن يتق الله جل وعلا وأن يترك الهوى والعصبية جانبا، وأن يستعمل أهل التقوى، والورع وذوي الطاعة والبر على أمور المسلمين ممن يتصفون بالقوة والأمانة، الذين يحببون الناس بالبلاد بالخير يجمعون القلوب ولا يفرقون، يصلحون في البلاد ولا يفسدون، وإلا فمتى بلي الحاكم ببطانة سوء دب الخطر، واستحكم الشر، والتاريخ أكبر معتبر.