بعد انتظار طويل عاشه مواطنون بأن يبنوا بيوتاً تضم ضحكات الصغار، وحكايات الكبار، كان الحلم طويلاً، وحين تحقق وجد مواطنون حصلوا على قرض صندوق التنمية العقارية أن المبلغ الذي ظفروا به بعد سنين من الانتظار والاكتواء بنار الإيجارات، لا يفي بقيمة الأرض، فكيف بعملية البناء في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء بشكل متنام. المواطنون الذين يرغبون في السكن في المدن الرئيسية وبعض المدن التي تشهد أسعار الأراضي فيها ارتفاعاً مهولاً، لم يجدوا حلاً سوى عرض قروضهم تلك للبيع، والظفر بقيمتها لحل أزمات مالية مؤقتة، والاستمرار في التعايش مع أسعار الإيجارات إلى أجل غير مسمى . العملية برمتها تبقي مواطنين قابعين بين براثن الإيجارات، وترفع ديون المواطنين الذين اشتروا تلك القروض بغية بناء منازل على أراض يملكونها، فالقروض تباع اليوم بمبالغ تتراوح بين 120 إلى 150 ألف ريال، تضاف إلى قيمة القرض الحكومي البالغ 500 ألف ريال، ما يعني أن المواطنين الذين يشترون تلك القروض يتحملون 650 ألف ريال في حدها الأقصى. بدا مؤلماً لأولئك المواطنين أن يفقدوا تلك القروض التي انتظروها لسنين طويلة، ما يعني أنهم سيبقون مستأجرين مدى الحياة، ترى هل كان هناك خيارات أخرى يمكنهم أن يسلكوها بغية الحفاظ على ذلك القرض، وامتلاك منزل العمر؟ هل يمكنهم أن يقترضوا قروضاً أخرى من المصارف للحصول على المبلغ الذي يمكنهم من شراء الأرض وامتلاك المنزل ؟ "د.علي التواتي" -محلل اقتصادي- قال إن قرار إعفاء المواطنين من شرط تملك الأرض تسبب في حصول مشكلة توفر القرض دون أن يكون لدى المواطن أرضا، مؤكداً أنه كان يجب ألا يصدر ذلك القرار تحسباً لمثل هذه المشكلة، وشدد على أن أسعار الأراضي اليوم لا تمكن المواطنين من ذوي الدخول المتوسطة والضعيفة من شراء أرض . وقال إن ذلك أحرج شريحة كبيرة من المواطنين، مبيناً أن المشكلة تنظيمية بالدرجة الأولى، مؤكداً أن تملك أفراد لاراض واسعة داخل النطاق العمراني قد صنع مشكلة ارتفاع الأراضي في البلاد. ونصح الدكتور التواتي المواطنين الذين حصلوا على قروض صندوق التنمية العقارية، ولا يستطيعون شراء أراض أن يعيدوا المبلغ إلى الصندوق، وقال : إن المواطنين حينما يعيدون ذلك المبلغ الذي لايمكّن المواطن حتى من البناء أحياناً في ظل أسعار مواد البناء الحالية، فإن ذلك سيشكل ضغطاً على المسؤولين عن تلك القروض للبحث عن حلول لهذه المشكلة . وقال إن مسألة حق المقترض في التنازل عن قرضه لآخرين مقابل مبالغ معينة، أو بيع القرض لآخرين يعد ثغرة كبيرة ما كان يجب أن تكون . وطالب بأن يمنع بيع القروض، وأن توفر الحكومة أراضي وتوزيعها مجاناً على المواطنين بغية تمكين المواطنين من الحصول على مساكن. وحول فكرة أن يستعين المواطن بقرض إضافي من المصارف وجهات التمويل بغية المضي قدماً في رحلة تملك المنزل، قال : لا أنصح المواطنين بذلك في ظل الأسعار الحالية للأراضي، لأن ذلك سيوقع المواطن فريسة لديون متراكمة يصعب عليه تحملها.