يظهر أن من يبحث مشكلة عدم تملك معظم المواطنين للمسكن كان ينظر للمشكلة كما وصِفت له بأنها أزمة تسببت في ارتفاع أسعار العقار والإيجارات بشكل كبير ولم يحاول تفتيت المشكلة وفصل الحلول العاجلة - التي تحتاجها أي أزمة - عن الاستراتيجيات التي طُرحت كحلول طويلة المدى تسببت بارتفاع أسعار العقار لمستويات عالية تجاوزت القدرة المالية لمعظم المواطنين لعدم تناسب الدخل مع تلك الأسعار وليتم التركيز على زيادة التمويل العقاري للشراء بالأسعار العالية وإبراز أنظمة الرهن والتمويل بأنها الحل الوحيد للمشكلة! ولكن لو بحثنا المشكلة بهدف رفع نسبة تملك المواطنين للمسكن وتخفيض قيمته، سنجد أننا أمام حقائق قد تساهم في حل جزئي لها بوجود آلاف من المواطنين يمتلكون اراضي داخل مدن ومحافظات ومنتظرين منذ (15) عاما لإقراضهم وفي المقابل نجد الصندوق العقاري لديه مليارات لم يتقدم له آلاف من المواطنين الموافق على إقراضهم! فالأمر هنا يتلخص فقط في إيجاد طريقة جديدة – تُكيف نظاما – لتمكين الصندوق من إقراض المنتظرين منذ سنوات ممن يمتلك ارضا للبناء ولم يصله الدور في الإقراض، لأنه خلال عام ستُضاف وحدات سكنية جديدة وتُخلى وحدات قديمة لتساهم في تخفيض الإيجارات وبالتالي أسعار العقار، فمنذ سنوات والصندوق يوافق على تقديم آلاف القروض وفقا للأقدميه ويفشل في إبرام عقود معظمها لعدم امتلاك الأرض، ومع استمرار هذا الوضع وجُمدت المبالغ تحت الطلب وبدون الاستفادة منها في حل مشكلة السكن، فعلى سبيل المثال فان آخر رقم بالرياض تمت الموافقة عليه ( 134000) بينما تجاوز رقم المتقدمين ال(200) ألف ومنهم الآلاف يمتلكون أراضي ومن المناسب وضع آلية لتقديم القرض لمن يملك ارضا حتى رقم (150) ألفا مثلا للاستفادة من المليارات المعتمدة مع احتفاظ من لايملك ارضا حاليا بأقدميته! فأهمية الإسراع في إقراض كل من تقدم للصندوق وهو يمتلك ارضا تبرز لإنهاء قائمة المتقدمين للصندوق في ظل القرارات الأخيرة الصادرة بإلغاء شرط تملك الأرض للتقديم على قرض الصندوق وآلية التعاون بين الصندوق والمؤسسات المالية لمنح تمويل إضافي للمقترض من الصندوق، لكونها تشير الى أن ذلك هو "بداية النهاية للصندوق العقاري" بوضعه الحالي، حيث سيواجه مستقبلا مشكلة ارتفاع أعداد المنتظرين للقرض ولسنوات طويلة ستتجاوز بكثير مدة الانتظار الحالية ولن يستطيع المواطن غالبا الحصول على القرض قبل سن ال(50) عاما لكون الجميع سيتقدم آليا بطلب القرض حتى وان لم يكن باستطاعته تملك ارض، وفعليا لن تكفي ميزانية الصندوق لذلك والذي سيواجه أيضا مشكلة الجدية في الطلب! كما أن القرار لن يخفض أسعار العقار لكون إلغاء الأرض صدر لإيقاف "تمثيلية" تدوير أراضي المنح للتقديم على الصندوق مقابل (500) ريال وبالتالي فالتأثير على أسعار العقار سيكون محدودا وعلى الأراضي البعيدة، أما الأراضي السكنية داخل المدن فان القرار الأخير بتمكين المقترض من الحصول على تمويل إضافي سيدعم استمرار المستويات الحالية والعالية لأسعار الوحدات السكنية المنتشرة والتي فضل أصحابها أن تبقى خالية انتظارا لصدور مثل هذا القرار الذي ستتوافق آليته مع أنظمة الرهن العقاري القادمة، إلا أن هذا القرار يمثل إقراراً بعدم كفاية القرض الحالي للبناء وعدم منطقية رهن العقار مقابل قرض ب(300) الف ريال، ولكن بدلا من زيادة القرض تم دعم مؤسسات التمويل بإحالة المواطن لها لإقراضه بفوائد وضمانات! ولذلك فأمام الوضع الحالي لأسعار العقارات والتطوير البطيء لأراضي المنح فان الأمر يتطلب أن تتخذ خطوات عملية لتوفير اكبر عدد ممكن من الوحدات السكنية لتخفيض قيمة الإيجارات لأنها ساهمت بشكل أساسي في ارتفاع أسعار الأراضي، وقد يكون تمكين من يملك ارضا حاليا من القرض للبناء وسيلة لتحقيق ذلك بدلا من استمرار بقاء تلك الأراضي داخل أحياء مكتملة الخدمات خالية لسنوات!