الوقوف أمام مفترق طرق قدرٌ لابد أن نمر فيه أثناء مشوار الحياة شئنا أم أبينا. مهما تنوعت المجالات والظروف ستمر بهذا الحدث. قد تكون مضطرا، وقد يكون باختيارك، وفي جميع الحالات أنت تحتاج للسير في طريق تختاره من عدة طرق! وربما لأنني حالياً أمر بمفترق طرق على الصعيدين العملي والشخصي، أحببت أن أتعرف على فلسفة العارفين حول هذا الأمر، كيف ينظرون له، ما نصائحهم بخصوصه؟ فعثرت على بعض الأقوال التي تنظر من زوايا مختلفة تجاه أمر ليس فينا من هو بحصانة عنه. الجميل في فلسفة أحدهم حوله أنه يعتبر الوقوف أمام مفترق طرق نعمة لأنه يمتحن قدرة الإنسان على البقاء حياً رغم كل الظروف. ومنهم من اعتبر أن مفترق الطرق يعلمنا فن الاختيار؛ حيث أنت مالكٌ قرارك، وأنت المتحمل لنتائجه مهما كانت. ومنهم من يرى أن صحة اختيارك للطريق الصحيح تتحقق حين تحدد هدفك بدقة، وتتحرى ذكر التفاصيل بايجابياتها وسلبياتها وتحدد عواقبها، ثم تستشير نفسك وميولك تجاهها، وتستشير الآخرين ممن تثق بآرائهم. ثم بعدها عليك أن " تقوي قلبك " وتتوكل على الله .. ولا تندم أبداً. والأجمل من ذلك هو ما قاله الأديب البرازيلي باولو كويلو" اطرح على نفسك سؤالاً : "أيٌ من هذه الطرق يمتلك قلباً؟".. وهل تمتلك الطرق قلباً حتى نتحراه ؟ يدهشك تفسيره لمقولته هذه، فهو يرى أنك " إذا أصغيت إلى قلبك قبل اتخاذك الخطوة الأولى، فإنك بذلك تكون قد اتخذت الطريق الصحيح ".. والمهم هو حين تقف أمام مفترق الطرق " لا تهدر وقتاً طويلاً في التفكير وإلا فإنك لن تبرح مكانك على الإطلاق ". وما أن تتخذ الخطوة الأولى "انس تقاطع الطرق إلى الأبد". خلاصة الكلام التي نخرج بها من كل ما سبق: فكر، وابذل الجهد والتحري، ثم استخر ربك، وتوكل على الله.. علّم أولادك ودربهم على مهارة الاختيار حين يجدون أنفسهم في مفترق طرق، لتكون لهم هذه المهارة سلاحاً يواجهون به مصاعب الحياة وتغيّر الظروف.. وبذات الوقت علمهم أن الخيرة فيما يختاره الله.. وكذلك (عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرّ لكم" .. هذه هي الحياة..