على وقع «الفلامنكو» سهر قرابة ثلاثة آلاف شخص مساء الثلاثاء في مسرح قرطاج الأثري مع اوبرا كارمن الشهيرة، اول العروض الاجنبية المبرمجة في اطار الدورة الواحدة والأربعين لمهرجان قرطاج الدولي الذي افتتحت فعالياته السبت الماضي وتختتم في 23 اب - اغسطس المقبل. بدأت السهرة بمقطوعة كارمن قبل ان يعتلي المسرح 120 ممثلا شكلوا بأزيائهم المزركشة لوحات رائعة تعكس مشاهد الحب والقلق والرومانسية وتنتهي بموت كارمن الغجرية الاشبيلية التي تعشق الحرية وتتفنن في الانتقال من قصة حب إلى اخرى. ووسط ديكور مميز بين اللوحات المتتالية والألوان المبهرة للغجر، عبر الراقصون بحركاتهم العنيفة عن انفعالات الغضب ازاء المكر والخديعة والخيانة كما عبروا عن العاطفة المطعونة في ازقة اشبيلية وحدائق قرطبة وسجون غرناطة. وقالت المخرجة مارغريتا ياليزاريا في ختام العرض انها «وجدت صعوبة في اعادة صياغة كارمن نظرا للأهمية التاريخية التي يكتسيها العمل والدقة المتناهية التي وضع بها». واضافت «اشعر اليوم على خشبة المسرح الروماني بقرطاج بمسؤولية مضاعفة يمليه التاريخ هذا المسرح فمثل هذه العروض الكلاسيكية لها وقع خاص عندما تقدم على مسارح اثرية». وقد اشادت الصحف التونسية الصادرة امس بالعرض. ووصفته (الصباح) بانه «عرض متكامل العناصر نحتت فيه الصورة والمشاهد على الخشبة». ورأت (الشروق) بان الممثلين و المغنين «ابهروا الحضور بملابسهم التاريخية ورشاقة حركاتهم وحضورهم المتميز.. إلى جانب التقنيات العالية في الاداء والانضباط الشديد في التجسيد». رواية «كارمن» كتبها بروسبير مريميه ونشرها عام 1945. واوبرا «كارمن» المقتبسة عن الرواية هي عمل تراجيدي قدمه الفرنسي جورج بيزيه اول مرة في 18 اذار - مارس 1975. وعمل العديد من المخرجين بعد ذلك على تقديم هذا العمل بكل اللغات في جميع انحاء العالم ليظل بين الاشهر في مخيلة عاشقي هذا الفن. وكان المهرجان قدم في سهرة الافتتاح عرضا تونسيا احتفى الجزء الاول منه بسبعينية فرقة الرشيدية وفي الجزء الثاني قدم الفاضل الجزيري مقطوعات من المألوف التونسي، وشارك في الحفل الفنانون: لطفي بوشناق ولطيفة العرفاوي ونوال الغشام. وتم في المناسبة تكريم نخبة من رواد الموسيقى التونسية من اولئك الذين تركوا بصماتهم في الساحة الفنية رغم مرور سنوات عديدة على رحيلهم من مثل علي الرياحي والهادي الجويني. وتشتمل الدورة الحالية على 106 عروض ثلثها تونسي والباقي عروض عربية واجنبية. ويقدم المهرجان من تونس كذلك الفنانة نبيهة كراولي بجانب صلاح مصباح وزياد غرسة اضافة لعرض لفرقة «زخارف عربية» لمحمد القرفي التي تعود بعد غياب اكثر من 15عاما. ومن الفنانين العرب الذين يشاركون في المهرجان مارسيل خليفة (لبنان) ومحمد العزبي وانغام وايهاب توفيق وشيرين وجدي ورامي عياش (مصر) واصالة نصري وميادة (سوريا). كما يشارك الفنان الكويتي نبيل شعيل والمغربية سميرة بن سعيد والعراقيان رضا العبدالله وغريس ديب. وتتنوع العروض الاجنبية لتشمل الرقص والباليه والغناء. وسيكون هناك سهرات موسيقية مع كل من الجنوب افريقية ميريام ماكيبا والفرنسية باتريسيا كاس. وفي البرنامج ايضا امسيات شعرية لمحمود درويش وشعراء تونسيين وكذلك سهرة خاصة مع عازف العود العراقي نصير شمة. وتنظم على هامش المهرجان لأول مرة ندوتان فكريتان الأولى بعنوان «المسرح التونسي إلى اين؟» وتتناول الثانية «الموسيقى وآفاق الأغنية». ويختتم المهرجان الذي تضاعفت ميزانيته هذا العام لتبلغ مليوناً ونصف المليون دينار (12,1 مليون دولار) بحفل لتكريم عازف الكمنجة التونسي رضا القلعي.