وقد عرفت واحدا من الرعيل الأول، وكان كبيرهم، وراعي العديد منهم، وهو محمد سرور الصبان، وكان رجلا يتسم بكل السمات التي يوصف بها كبير القوم، كان صاحب شخصية قوية، وصاحب كاريزما، وكان كريما ويرعى كثيرا من الأسر الفقيرة، ورغم أنه جمع ثروة طائلة في حياته، إلا أنه مات مدينا للبنك الأهلي الذي استحوذ على أملاكه التي كانت مرهونة عنده، في عهد الملك عبدالعزيز عينه مساعدا لعبدالله السليمان الذي كان مديرا للمالية قبل أن تصبح وزارة، وعندما أعفي عبدالله السليمان من وزارة المالية خلفه فيها، وعندما أعفي هو الآخر من الوزارة هاجر إلى مصر، ورحّب به عبدالناصر، ولكنه لم يناصب الحكومة السعودية العداء، وبعد فترة حين تأسست رابطة العالم الاسلامي استدعاه (الأمير) فيصل وعينه أمينا عاما لها، وكان جدّي محمد خزندار صديقا له، وحين حضرته الوفاة أوصى محمد سرور برعاية ابنيه: والدي محمد علي وعمّي حسين، فعين الأول محاسبا للشركة العربية السعودية للسيارات التي كان مديرها، وعين الثاني نائبا لرئيس تحرير صحيفة صوت الحجاز التي كان يملكها أيضا، وكان رئيس التحرير أحمد السباعي، وكانت لعائلتي أرض وبئر في أمّ الدود التي كانت ضاحية من ضواحي مكةالمكرمة، ولم يكن يعرف أنها ملك لنا فاستوهبها من الملك عبدالعزيز، فوهبها له، وحين عرف أنها ملك لنا كلف جماعة من أهل مكة بتثمينها، فثمنّوها بألف جنيه ذهبا فأعطاها لنا، وعندما ابتعثت إلى الولاياتالمتحدة، وذهبت لتوديع والدي في الرياض، وكان من معاوني محمد سرور، قال لي اذهب وسلّم عليه، فذهبت وقابلته، وحين عرف أنني مبتعث إلى أميركا أصدر أمرا للبنك الأهلي التجاري في مكة بإعطائي ألف دولار بالسعر الرسمي، وهو ثلاثة ريالات ونصف، وأيامها كان سعره في السوق تسعة ريالات، وكان في ذلك الوقت مبلغا ضخما، بدليل أنني حين وصلت إلى الولاياتالمتحدة اشتريت سيارة فيات جديدة بست مئة دولار. وبعد: كان محمد سرور أديبا وشاعرا وألف كتابا عن أدب الحجاز لا أذكر عنوانه، وأذكر من شعره هذا البيت: يا ليل صمتك راحة للموجعين أسى وكربا وليت الصديق النبيل عبدالمقصود خوجة يبحث عن أعماله، وينشرها أسوة بما فعله مع أدباء آخرين.