يحمل شارعنا اسم مؤرخ جليل. ووضعت الأمانة اسمه عاليا وثبتتهُ بما أوتيت من إمكانات، ورأيتُ أخيرا أن أحدهم سرق اللافتة رغم ارتفاعها عن متناول الإنسان مرتين، ولابد أن السارق استعان بوسيلة أو أخرى للوصول إليها، سلّم أو سيارة أو غير ذلك.. ولازلتُ متسائلًا ما عسى لافتة كهذه أن تُفيد السارق، وما هي الفائدة التي ستأتي بها لافتة مكتوب عليه اسم شارع؟! قلت لنفسي لعله مجرد العبث، ثم فكرتُ أن العبث انطبق، وبامتياز، على صناديق البريد التي وضعها البريد السعودي وأكثر منها على كل وحدة سكنية، وما على العابث إلا أن يحمل معه مفكاً ويعمد إلى تحطيمها في دقائق.. لكن الذي سرق اللافتة، في زعمي، يحتاج إلى سلم أو رافعة ترفعه إلى حيث تقع لافتات أسماء الشوارع في مدينة الرياض، حيثُ هي عالية ومُثبتة بإحكام. كذلك فالسارق يحتاج إلى رقابة الشارع ليحذر من مرور دورية، أو مواطن يقوم بإبلاغ الدوريات.. واعتدنا في أخبار الجريمة التي تصدر عن الشرطة على الشكوى من سرقة اسطوانات الغاز، ثم قرأنا كثرة سرقات الأجهزة الحاسوبية، وتستمر الحال لنجد معترضي المارة يسرقون الهاتف النقال. فاللصوص عندنا يتطورون، لكنهم أيضا عادوا لسرقة أشياء مثل لافتة شارعنا. ثمة نوع من التجارة أو (بزْنِس) رائج في البلدان القديمة، ذات المكانة الأثرية في أوروبا حيث تقوم البلدية بتجديد لافتات الشوارع، إما لاندثارها، أو لسبب إنشائي، ثم تأتي باللوحات القديمة وتعرضها في سوق ضمن غيرها من الأثريات، وتجد من يشتريها توقاً إلى الماضي، أو استرداد ذكريات.. ولا أظن أن قومنا وصلوا إلى تلك المرحلة من الثقافة كي يسرقوا لوحات شوارع ..!! ثم إن اللص تجتذبه القيمة.. وقرأتُ أن رجلًا أمريكياً اشترى ثلاجة جديدة وأراد أن يتخلص من ثلاجته القديمة من أجل الاستفادة من الحيّز.. وضع صاحب المنزل ثلاجته في الفناء الأمامي لمنزله ووضع عليها إيماءة تقول للمارة : لأصحاب المنازل الطيبة، إذا أردتها فهي لك. وانتظر لمدة يومين، ولم تزل الثلاجة في مكانها. واستقرّ رأيه على فكرة أخرى فكتب لافتة تقول : هي لك بخمسين دولاراً.. وفي صباح اليوم التالي وجدها قد سُرقَتْ!