صدر حديثا عن الدار المصرية اللبنانية في القاهرة كتاب "فقه العمران" العمارة والمجتمع والدولة في الحضارة الإسلامية من تأليف الدكتور خالد عزب، حيث يعد الكتاب دراسة شاملة للعلاقة بين العمارة الإسلامية والمجتمع الذي صاغ البيئة العمرانية والأنماط المعمارية والدولة التي يحدد المؤلف حدود سلطتها في المجال العمراني. ويضم الكتاب ثمانية فصول وملحق لمصطلحات فقه العمران، ويقع فى 580 صفحة، الفصل الأول خصصه المؤلف لفقه العمران حيث يرى فيه أن فقه العمران ارتبط بإطارين حاكمين له من الناحية الفكرية، الإطار الأول يتمثل في السياسة الشرعية، بوصفها السياسة التي يتبعها الحاكم في المجال العمراني، سواء كانت تتعلق بالأمور السياسية العامة أو بالعمران مباشرة وكلاهما يترك أثره على العمارة. أما الإطار الآخر في "فقه العمارة" التي قصد بها المؤلف ربط مجموعة القواعد التي ترتبت على حركية العمران نتيجة للاحتكاك بين الأفراد ورغبتهم في العمارة، وما ينتج عن ذلك من تساؤلات، التي يرى الكاتب بأن الفقه يجيب على مثل هذه التساؤلات من خلال استنباط أحكام فقهية من خلال علم أصول الفقه. كما يقدم الكاتب في الإطار الثاني تفصيلا للعمران من خلال نظرة علماء الشرع للعمارة، التي يورد منها البناء الواجب مثل دور العبادة، والمندوب كالأسواق التي تندب لتوفير السلع للناس، والمباح كالمساكن والبناء المحظور كالبناء على أرض الغير.. إضافة إلى ما ذهب إليه المؤلف في في هذا الجانب من أن الفقهاء اعتمدوا في بنائهم لفقه العمارة رؤية الإسلام لهذه المفاهيم، أما الفصل الثاني من الكتاب فيتناول دور الفقه في التنظيم والتخطيط العمراني للمدن، حيث قسم المؤلف الشوارع وأحكامها إلى ثلاثة مستويات جاء منها المستوى الأول الذي تمثله الطرق العامة.. والمستوى الثاني الذي يعد أقل درجة من العام، بينما جعل المستوى الثالث للطريق الخاص. ويمضي عزب في إصداره مستعرضا عناصر المسجد المعمارية مثل حائط القبلة، لكون الاتجاه إلى القبلة شرط لصحة الصلاة، لذلك حرص المسلمون على ضبطه وترتب على ذلك براعة المسلمين في علوم الهندسة والفلك، كما خصص في حائط القبلة محراب عميق للإمام، كما يكشف المؤلف أن المحراب عنصر معماري عرف في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وجدده عثمان بن عفان، وأضاف له عمر بن عبد العزيز طاق أي دخلة معقودة علوية نتيجة لارتفاع حوائط المسجد في التجديد الأموي. أما الفصل الرابع فيتناول المؤلف فيه إلى فقه الأسواق والمنشآت التجارية في الحضارة الإسلامية، وتعرض المؤلف في هذا الفصل للعديد من المنشآت التجارية كالحوانيت والقياسر والوكالات والسماسر والفنادق.. بينما خصص الفصل الخامس بعمارة المساكن، أما السابع فيقدم خلاله المؤلف ربطا بين المجتمع والأوقاف والعمارة.