قد يكون أحدهم يهيم في شوارع الرياض مستسلماً لأحداث حكاية يسردها آخر على الطرف المقابل من الهاتف المحمول، لكنه حين ينتهي من جملة تتطلب أن يُحدث الطرف الآخر ردة فعل عليها، وحينما لا يحدث ذلك، يُدرك المتصل أن الجمل الأخيرة من السالفة لم تصل إلى الطرف الآخر، وأن المكالمة كانت قد انقطعت للتو دون أن يشعر بذلك أحد. يحدث هذا في المملكة التي تعد من أكبر أسواق الاتصالات في المنطقة، لكن المشتركين – حسب مختصين – لا يحصلون على خدمات اتصالات ترقى لما يدفعونه من تكاليف. وبالرغم من التنافس الكبير بين مشغلي الهاتف المحمول في المملكة، وانعكاس ذلك التنافس بشكل ايجابي في بعض مناحي خدمات الاتصالات وبعض أسعارها أحياناً، إلا أن رغبة تلك الشركات في الظفر بأكبر عدد من المشتركين جعلها تضخ أعدادا كبيرة من شرائح خطوط الهاتف المحمول بشكل ربما يفوق قدرة شبكاتها، مما نتج عنه انقطاعات متكررة قد تحدث لأكثر من مرة في المكالمة الواحدة. ويرى مراقبون أن هناك قصوراً واضحاً في متابعة مستوى الخدمة من قبل هيئة الاتصالات التي تعنى بتنظيم خدمات الاتصالات في البلاد، فيما كان الرهان كبيراً على مستوى المنافسة بين المشغلين في الارتقاء بالخدمات والتي ذهبت فيما يبدو باتجاه الظفر ببيع أكبر عدد من شرائح الجوال دون الالتفات إلى مستوى الخدمة المقدمة. عوض العساف وفي هذا الاتجاه قال عوض العساف المحامي المختص في مجال الاتصالات، بالرغم من أن سوق الاتصالات في المملكة من أكبر أسواق الاتصالات في المنطقة، الا أن مستوى تقدم الاتصالات في مجال الهاتف المحمول أقل مما يدفعه المشتركون للحصول على تلك الخدمة. وأكد العساف الذي كان يوماً يشغل نائب رئيس هيئة الاتصالات ان الهيئة تبدو مقصرة في مسألة الارتقاء بمستوى خدمات اتصالات الهاتف الجوال في المملكة. وقال: إن ترك الأمور كلها فيما يخص مستوى شبكات الاتصالات للشركات، وعدم التدخل لتقييم وقياس مستوى الشبكة يؤدي إلى التراجع في أداء تلك الشبكات، ولدى الهيئة من التجهيزات الفنية ما يجعلها تقيم وتقيس مستوى أداء شبكات الهاتف الجوال من خلال سيارات مجهزة تجوب الشوارع لتسجل مستوى أداء شبكات مزودي الخدمة. وطالب العساف هيئة الاتصالات أن تساهم مع المزودين في الارتقاء بمستوى شبكات الهاتف المحمول من خلال التقييم المستمر لأداء تلك الشبكات، وقال: إن الشركات المشغلة لشبكات الهاتف الجوال تطرح شرائح لخطوط الهاتف الجوال بأعداد ربما تفوق مستوى تحمل الشبكات لديها، مما يشكل ضغطاً كبيراً على الشبكة. وأكد على ضرورة رفع مستوى شبكات الهاتف المحمول بما يرقى لأعداد المشتركين الكبير في المملكة، وتعرفة الاتصالات التي تعتبر من أغلى تكاليف الاتصالات في المنطقة، مشيراً إلى أهمية أن يحصل المشترك على خدمات تتناسب مع ما يدفعه من قيمة لتلك الخدمات.