يخيم شبح المال السياسي على الانتخابات النيابية الأردنية المقرر إجراؤها في الثالث والعشرين من الشهر الجاري،في وقت تسعى فيه أركان الدولة بجميع اجهزتها للبرهنة على نزاهة الانتخابات أمام مواطنيها والمراقبين الدوليين والمحليين عبر الإعلان المتكرر عن القبض على عدد من الأشخاص سعوا الى العبث بالانتخابات بالمال السياسي. ولم يفاجىء إعلان رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور مواطنيه أمس حينما كشف بأن:"الحكومة أحالت 12 متورطا بشراء ذمم الناخبين إلى النائب العام"، فقد هدد من قبله رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب عبد الإله "بالانسحاب من مراقبة الانتخابات" إذا لم تنشط الأجهزة التنفيذية للدولة في ملاحقة أصحاب السياسي وتقديمهم إلى العدالة. وتوعد النسور مستخدمي المال السياسي "بعقوبات مغلظة فالمال السياسي خصم لجميع الشرفاء وهو عدو لحدث نزيه "، وتتراوح عقوبة استخدام المال السياسي، بين السجن بالأشغال الشاقة مدة لا تقل عن ثلاثة أعوام ولا تزيد على سبع. وما يؤكد شيوع المال السياسي في الانتخابات وعدم قدرة الحكومة الأردنية على محاصرته، ما كشف عنه تحالف راصد لمراقبة الانتخابات من:"رصد لشراء الأصوات واستخدام للمال السياسي في العملية الانتخابية، عبر أشكال وطرق عديدة ". ومن ابرز الطرق التي تحدث عنها التحالف:" دفع المال مباشرة من خلال الوسطاء والسماسرة، أو عبر عقود العمل الوهمية أو الخصومات المقدمة لطلبة الجامعات، أو القروض والمنح الطلابية، مقابل حجز البطاقات الانتخابية(...) . مظاهر عديدة لاستخدام المال السياسي في الانتخابات الحالية، أبرزها دفع رجال أعمال المال لأشخاص لتشكيل قوائم انتخابية مقابل تمويلها، حجز مرشحين لبطاقات الناخبين ،اتخاذ الجمعيات الخيرية والنوادي المختلفة قنوات لاستغلال هذه المال، وشكوى متواصلة من مواطنين لكتاب الصحف من شراء الأصوات وهو ما اضطرهم للكتابة عنه غير مرة.. وفي المقابل، فإن الجهات المراقبة للانتخابات والتي تعهدت بنزاهتها لا تنكر وجود المال السياسي، ويؤكد رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب عبدالإله الخطيب "وجود معلومات وردت إلى الهيئة مفادها وجود مال سياسي". رغم أن القانون فرض عقوبة مغلظة على استخدام المال السياسي، وصنف هذه الجريمة ضمن الجنايات المعاقب على مقترفها بالأشغال الشاقة مدة لا تقل عن ثلاثة أعوام ولا تزيد على سبع. اللافت أن الدولة الأردنية وعلى رأسها الملك عبدالله الثاني تعهد بانتخابات نزيهة، وكذلك الحكومة وبخاصة في ظل تراجع ثقة الناخبين بنزاهتها بسبب اعترافات ضمنية سابقة لمسئولين أردنيين بأن الانتخابات السابقة في عام 2010 كانت مزورة، فيما تكررت اعترافات رسمية بتزوير انتخابات 2007 ومن بينهم وصف رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري وغيره لها بالمزورة، وهو رجل قريب من القصر. شيوع المال السياسي في الانتخابات الحالية قد يشكل قصمة ظهر قوية في ثقة الناخب الأردني بدولته وهو ما يؤكده الخطيب، بقوله إن:" الدولة الأردنية لا تحتمل العبث في العملية الانتخابية، وأن الهيئة ستعمد إلى اتخاذ كل الإجراءات المتعلقة بنجاح العملية الديمقراطية وحال وجود أي اختلالات سيصار إلى إعلانها للرأي العام". وما يؤكد وجود المال السياسي تصريحات الناطق الرسمي باسم الهيئة المستقلة للانتخاب حسين بني هاني والتي يقول فيها ان:"من ينفي وجود المال الفاسد واهم ويكذب على الناس"، غير ان:"مصدرا حكوميا يشدد على ان :"الحكومة جادة في تقديم اية ادلة تملكها حول المال السياسي، مشيرا في الوقت ذاته الى انه لا توجد لدينا اية حالة". ويوضح بني هاني صعوبة اكتشاف المال السياسي،"لأنه يجري خلف الكواليس، ما يجعل من المعلومة التي يتم تلقيها من المواطن بمنتهى الأهمية لمن عرض عليه مالا سياسيا، مذكرا بأهمية الإثبات بالأدلة القاطعة لمثل هذه الوقائع".