لو أجريت دراسة للتعرف على الجسد الذي خضع لأكثر عدد من العمليات الجراحية لتبين أنه المنتخب السعودي الأول لكرة القدم، فهذا الشيخ الكبير يعاني من جملة من الأمراض صعب علاجها، وكل يوم هو تحت يدي طبيب في غرفة عمليات جديدة، ولا يزال يتألم! لن أفعل كما يفعل غيري فأجلد المنتخب بسياط النقد، أظن هذا لم يعد يجدي، منذ ثمانية ألمانيا في نهائيات كأس العالم ومنذ أن شكلت اللجنة لتصحيح الوضع ثبت أن ما يطرح عن المنتخب من نقد ما هو إلا كلام يستأنس به قائله ليخرج ما في قلبه من ألم، ولن يعود صدى ما يطرح لأن المخاطب ميت (لقد أسمعت إذا ناديت حيا... ولكن لا حياة لمن تنادي)! أظن معظم المتابعين انتظروا دورة الخليج ليتابعوا فصلا جديدا يقدمه المنتخب في مسرحية جديدة لفريقهم، يعلقون ويضحكون فقط، أما كأس الخليج فهم أدركوا مسبقا أنه بعيد عن "الأخضر" الكبير، وأستغرب كيف سقطت دموع مشجع عرضته كاميرا التلفزيون حسرة على الهزيمة من الكويت، أظن أن لديه مشكلة ما، أسقطت دموعه لا تلك الخسارة التي تأكدنا أنها ستتم منذ بداية الدورة، بل إن الفوز على اليمن هو الأمر المستغرب، هذا إنجاز كبير يكتب بمداد من ذهب!! ليس المنتخب بحد ذاته مسرحية تعرض، ما حوله يستحق المشاهدة كذلك، فهد الهريفي قدم مسرحية كوميدية، هو وما يطرحه من فكاهة أضحكتنا كثيرا، أقترح أن ينضم إلى فريق مسلسل طاش ما طاش إن أعيد إنتاجه! المسرحية الأخرى التي سبقت هذه المشاركة الفرحة العارمة بالتعادل مع الأرجنتين وما صاحبه من أحاديث المسؤولين التي زعمت أن ثمة تطور مفاجئ حدث! في كل مسابقة يدخلها المنتخب يوجد أشخاص قليلون جداً يتوقعون الفوز ببطولتها، يحتاج هؤلاء جلسة علاج تثقيفي توضح لهم الحقيقة وتعيدهم إلى جادة الصواب، هؤلاء متفائلون جداً، "فالبعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير" ولا يوجد أي مؤشر على نجاح سيتحقق، منتخب هذه المرحلة هو نفسه منتخب الثمانينيات الهجرية الذي يدخل أي مسابقة ليشارك فيها ويكتسب الخبرة، الفرق بين الجيلين أن الأول كان لاعبوه يشترون الملابس من حسابهم، يعملون صباحا ويلعبون عصرا، ويعيشون في بيوت من طين، أما الحاليون فيسبحون في الملايين، ويعيشون في القصور، معسكرات الجيل السابق في "برحة"، والثاني في أوروبا، الأول بسيط متواضع، والثاني متعالي، باختصار: الأول يلعب بروح، والثاني بلا روح!! الأمر اللافت للنظر حجم الوفدين الإداري المرافق، الدول الجاذبة ذات الخضرة هي التي تستقطب أكبر قدر من المرافقين، هذا يشي بفوضوية تحدث في الداخل، تفتيش الأوراق بداية التصحيح، فريق المستشارين والخبراء الذين لا ينتجون، أظنهم أولى من ريكارد بالإبعاد، يمكن أن نستفيد من تجربة العراق الذي خرج من بين ركام الحرب ليفوز بكأس آسيا، وها هو يبدع في كل مسابقة يخوضها، العودة إلى الأساس لتصحيحه بدءا من النادي وأهم خطوة يجب اتخاذها تجفيف الأموال من خزائن اللاعبين! وضع كرة القدم حاليا يا سادة تعدى مرحلة الفشل في تحقيق البطولات إلى حفظ كرامة!