مصر في هذا الوقت بالتحديد تعتبر المنفذ الوحيد الذي تستطيع ايران الدخول منه لتصل لأكثر من هدف، ففي القضية الفلسطينة لم تعد طهران الدولة الوحيدة التي يمكن أن تؤثر في حركة حماس فقد دخلت مصر وبقوة على هذا الخط، بعد أن وصلت جماعة الإخوان المسلمين للحكم عن طريق الانتخابات الشرعية في القاهرة، فحماس بعد تغير النظام في مصر اصبحت فرعاً أصله في القاهرة، وهذا التحول سوف يجبر طهران على التعامل مع مصر في الملف الفلسطيني وليس من وراء ظهرها، وعليه سوف تدفع طهران بكل قوتها الدبلوماسية حتى لا تخسر هذا الملف.. ولم يعد هناك دعم مباشر من طهران لغزة، بل من طهران عبر القاهرة لغزة، وهذا الشيء لن ينتظم بالطريقة التي تريدها طهران إلا ان تكون الثورات العربية صحوة اسلامية كما وصفها مرشد الثورة الايرانية علي خامنئي، أي ان تكون صورة طبق الاصل من الثورة الايرانية، وهذا الأمر لن يكون كما وصفه مرشد الجمهورية الايرانية الا بموافقة القاهرة، وهذه الاخيرة ينتظرها تغيرات كبيرة في سياستها الخارجية حتى تستطيع أن تضع أقدامها على طريق التأثير في سياسات المنطقة . وحتى يتحقق لطهران ما تريد من مصر يجب على السياسة المصرية ان تنقلب على اتفاقيات السلام التي وقعتها مع اسرائيل أو التلويح مرحلياً بالانقلاب عليها، وهذا اتجاه جديد إن تقدمت به القاهره سوف تسدد طهران أغلب فواتيره، ويتم معه استخدام القوة الشعبية العربية للضغط على حكوماتها لمساندة هذا الاتجاه الجديد.. صحيح اننا لا نعلم عن مضمون المحادثات التي تتم بين القاهرةوطهران ولكن نعلم كيف تفكر طهران حتى تتجاوز العقوبات المفروضة عليها من واشنطن والاتحاد الاوروبي بسبب برنامجها النووي، فلم يعد امامها الكثير من الخيارات والوقت، فنظام الأسد يتأرجح وحزب الله اللبناني بعد سقوط الاسد اية عملية يقوم بها منفرداً تعني انتحاره نهائيا. الجائزة المنتظرة التي سوف تقدمها طهران لدول الربيع العربي هي دول الخليج، التي ترى طهران ان وجودها ان تعاملت معها بعض الدول العربية سوف يكون مؤقتا، والتعاون مع طهران في هذا الاتجاة يعني الشراكة الاستراتيجية في السيادة على دول الخليج، وهو أمر إن وافقت عليه الدول العربية الحليفة لإيران، يتطلب منها كخطوة أولى تحضير الشعوب الخليجية لهذه المرحلة من خلال تعزيز الخطاب الديني ورفع سقف المطالب الشعبية بتلك الدول بصورة مستحيلة تعجز حكوماتها عن الوفاء بها . وقد يبرز هنا تساؤل وجيه وسط هذا الكلام عن دور واشنطن، ونقول إن البيت الأبيض مستعد لأن يتعامل مع كل تغيير يخدم مصالحه، وسيطرتها على البترول سوف تكون مضمونه إن تعاملت بإيجابية مع هذا التوجه وخاصة ان لها تجربة قريبة في هذا التوجه في العراق. المعروف عن مرشد الثورة الايرانية انه يحب قراءة القرآن على الطريقة المصرية، ويجمع عنده في منزله كل رمضان بعض القراء من مصر، ومعجب جدا بسيد قطب وقام بترجمة ثلاثة من كتبه الى الفارسية.. فهل هذا التقارب العاطفي سوف ينتج عنه تقارب سياسي مع جماعة الإخوان.. تقارب يختلف عن كل اشكال التقارب التي عرفتها الجماعة مع طهران في السابق؟