عن دار الصدى للصحافة والنشر والتوزيع، صدر العدد (92) من مجلة دبي الثقافية الشهرية، وفيه يطلع القارئ على تنويعات مختلفة من الإيقاعات السردية والفكرية والمخيلتية والفنية، ضمن تبويباتها الثابتة والمتحركة، متنقلاً بين أفكار كتّابها وزواياهم ومقالاتهم التي تناقش الواقع من مناظير بؤرية مختلفة، كما يسافر مع افتتاحية رئيس التحرير، المدير العام، سيف المري ، طارحاً العديد من الأسئلة الإشكالية حول الأنا والآخر وما بينهما، وتتكامل هذه التأملات البعيدة، بكل ما فيها من احتمالات، في كتاب (أجراس الحروف/ 242 صفحة)، تلك الأجراس التي تصدر كهدية مع العدد للمري، والتي تقرع فيها الكلمات ظلال المقالات، لتوصل المعنى، بفنياته، وتصريحاته، وتلميحاته، كاشفة عن البنية الظاهرة، والمسكوت عنها، بما تطرحه من آراء وأفكار ورؤيا، مختزلة فنيتها الأسلوبية الخاصة بالمؤلف رئيس التحرير، الذي كرمته الجمعية العمانية للكتاب والأدباء أثناء مؤتمرها الأول للسرد، والذي يأخذك إلى تجليات من أسئلة واكتشاف تبدأ من العناوين البالغة ( 76)، نذكر منها: (ثقافة الإعلام وإعلام الثقافة/ الفكر الصهيوني وإلغاء الآخر/ المرفولوجيا الثقافية ومكامن الخطر/ المقدمات والنتائج لقراءة ما لا يكتب/ الركن الرابع للجملة الفعلية/ الحقيقة عندما ترتجف خوفاً/ القضية الفلسطينية وطريق الآلام/ اللغة كيان وليست تراثاً/ أين يتوقف الخيال ومن أين تنطلق الحقيقة؟/ الإعلام العربي واقعه وتحدياته/ المرأة تتفوق/ ثروة الإبداع). وتخص المجلة القرن العشرين بملف يستنتج أنه عصر التطرفات والعنف، ومن جهاتها، تستغل اليونسكو الأولمبياد لتفعيل المسرح والكتاب واللغات، بينما نجد أن رامبرانت ينقب عن النور لينشره في لوحاته من خلال تركيزه على النقطة البرزخية بين الضوء والظل، ولنا أن نقرأ عن الثقافة البائدة وكيف تقلب الأولويات، وأن نشير بكل ثقة إلى الهمذاني ومقاماته التي ابتدعها لنقد المجتمع وفساده، ولنا أن نؤكد بأن الصهيونية تكمن دائماً وراء الأكمة، وأن نطلع على أغرب قصص الاغتيال غموضاً: منصور الكيخيا، وأن نتعرف إلى السياسية المثقفة زهور ونيسي التي لم تغير بيتها وأصدقاءها عندما أصبحت وزيرة، وسنعرف، أيضاً، لماذا يحب جيروم فيراري الوطن العربي، ولماذا ترى هيرتا موللر الإنسان دراجاً كبيراً؟ وإلى أي مدى هو موسم التوحش كما يكتب نبيل سليمان، وهل حقاً الثقافة طوق نجاة تبعاً لأحمد عبد المعطي حجازي؟ ولماذا يزداد عندنا نعيق الفربان تبعاً لمقالة جابر عصفور؟ وما علاقة النقد التكاملي بالكتابة المعاصرة، فليطلع على الكتاب الهدية أيضاً: (النقد التكاملي/ إبراهيم الوحش)، أما من يريد أن يعرف كيف تكون هناك شذرات في السياسة غير سياسية فليقرأ مقالة أدونيس. وتتوالى الجوائز، ولا نعني فقط، جائزة دبي الثقافية، بل أيضاً جائزة الصحافة العربية التي تأتي ضمن باب في الصميم، ونشاهد بعين نيلسون بيريراسانتوس كيف تكون السينما الوثائقية الجديدة وهي تستكشف أعماق الواقع البرازيلي، وكذلك، نتابع الفن التشكيلي والموسيقي وتراث الكلمة ونادي الأقلام والثقافة في شهر ودنيا الكتب. ونلاحظ حضوراً مختلفاً لجبران خليل جبران من خلال متحفه، وهو على مقربة في (بانوراما) من باريس مدينة الحب والعطور، ونحلق إلى فلسطين مع رفة جناح الكاتب مدير تحرير دبي الثقافية، وبدءاً من العنوان: (لن ندق الجدران.. يا غسان)، لننعطف مع رجال الشمس إلى بوابات الحزن، والحلم، ومراجعة الذات والواقع.