(أبو البنات) على اليوتيوب لا أدري أهي ظاهرة صحية أم لا؟ بيد أن ما تحدثني به قناعة نفسي أننا فعلاً بحاجة لأن نبعث رسائل تمهد لتغيير جذري لسلوكيات البعض منا، وتلك السلوكيات المستهجنة بالذات. (أبو البنات) ذاك التسجيل الصوتي يخاطب جل شرائح المجتمع بلهجتهم المحلية السهلة والميسرة القادر على استيعابها السامع مهما اختلفت اللهجات (جغرافياً)، هذا الشخص لا أعرف عنه إلا أن له أسلوباً صادماً لطيش وهمجية مراهقين كان من المؤسف أن يتبعهم ناضجون وعقلاء وكبار وينتهجون ذات النهج، أبو البنات وأبو سروال وفنيلة يناجي فكراً يغط في سبات عميق، خطابه لمن به قلة تقدير للأمور والعواقب، ويحدث عن من به رجعية ولا منطقية في الخطاب والسلوك والتعامل حد التشبث بأعراف وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان، يخاطب هؤلاء المستهترين والمتحجرين (على بلاطة) ويوصيهم بالنساء خيرا، والوضع ليس بالغريب ولا بالمعيب كما سيعتقد البعض فهي خطى خير من طلعت عليه الشمس والذي أوصى بالنساء خيراً في آخر وصاياه الكريمة إذ قال "صلى الله عليه وسلم": (استوصوا بالنساء خيرا...) رواه الشيخان في الصحيحين ، يذكر ذلك الرجل الفاضل بالأصول في التعامل مع النساء ويربطها بشكل مبسط بمشاهد من الدين، ديننا الذي لو تمسكنا بشرائعه وطبقناها على أصولها بلا إسفاف ولا تشنج ولا سطحية لكنا في سعادة ورضا ووسطية هي وصفه ومبدأه وشرعه السمح، ولكننا للأسف قد نعتنق مذهب الأعراف والتقاليد ونتبعها ونتمسك بها ونخشى أن نحيد عنها بما قد يفوق الحرص على الدين القويم في أحيان كثيرة والعياذ بالله. (أبو البنات) بسلاسة عرَّى حقائق وأشار لوقائع في الصميم فلا غرابة أن يهاجم، ويسفه منطقه وفكره، ويتهم أن امرأة "لاعبة عليه"، ركز وصدق القول إن المأساة في أن نتراشق النعوت السخيفة ونتبادل الكلمات الجارحة والمخلة بالذوق العام دون وعي كافٍ بأن العار يلحق بمجتمعنا وبنا، ومعايرة نساء مجتمعك بالدرجة الأولى يمس أمك وأختك وزوجتك وبناتك، فالواصف يشير لهن بأصابع الاتهام فتفاصيل دقيقة لن تراها خلف عباءة الستر والحجاب، ونساؤنا إن أظهرن الوجه فهو لا يعني أنك رأيتهن بلباس البحر لتفتي بتفاصيل جسدها من الداخل، صانتهن ثياب ستر وعفاف وحياء ومن تحدث في ركبة أو حتى ذراع وعاب فهو يعري نساء بيته وبالتأكيد قاس على ما رأى فيهن وعمم الفكرة على بنات جنسهن، فمن قلب الحدث أنا أؤكد ما لا ترون معشر الرجال الفضلاء وأقول لكم بصدق: عيب وخزي أن تشوهوا سمعة بنات البلد، فالجمال موجود والتعميم لغة الأغبياء، وفي كل بقاع الأرض جمال باهر وآخر متواضع، ناهيك عن جمال باطن يتجسد في دين أو أخلاق أو طيبة أو أدب أو ذائقة عالية تبرز مواطن الحسن، فلا يوجد قبح عام بزعمي، ولا أصدق كائناً من كان مادام لي عين بصر وبصيرة، وأصم عن الاستجابة لأي قول وحكم والحسم جاء في محكم التنزيل في قول الله تعالى: (.. وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ). .. نعم المرأة السعودية من أجمل نساء العالم في عيني وعين كل حاذق تذكر أن القلة من ركز على أنوثتهن والمحافظة عليها بطفولتهن، وما أكثر من منعن أو لم يطاوعن ليفعلن ما يفعل نظيراتهن اللاتي اشتهرت حماماتهن في صقل ومعالجة البشرة والرونق ففيض الحسن عندنا من الله، فبناتنا الكثير فيهن من ربط هذا الحرص لدى الأهل بفترة قبل إتمام مراسم الزواج، وما كان لهن أمهات يدققن على المحافظة على أدق تفاصيل الجمال من الصغر ولو من باب مراعاة قسوة أجوائنا، ناهيك عن جلسة التجميل النفسي والحاجة للعاطفة والدلال والمديح الذي يضفي سراً خاصاً على محيا الفتاة وقيسوا هذا الأمر بجلافة التعامل عندنا مع غنجها ودلالها وتدللها قبل الزواج وبعده، ولو وضع كل هذا بالحسبان فكلها خير لو بقي من زينتها وحسنها شيء، ومع هذا فيهن حسن رباني لم تصنعه مشارط عيادات التجميل، وقد حافظ الكثير منهن على جوهر ومخبر، وغدون ككتاب مفيد لم يفقد قيمته زمن البساطة وكمل حسنه غلاف جميل زمن التقدم والحضارة. .. من سيعاير نساء مجتمعه بكل صفاقة ليتذكر فقط أن كل إناء بما فيه ينضح فإن رضيها على كرامته ورجولته وأن ينظر لنسائه بتلك الصور فليكمل تهريجه والتعبير عن سقم أخلاقه وجهله.