لا يزال التبادل التجاري الياباني يتأثر سلبياً بمقاطعة المستهلكين الصينين للسلع اليابانية التي تسببها النزاع السياسي القائم حالياً على الجزر الواقعة في شرق بحر الصين. وقد شهدت اليابان تراجعاً متواصلاً في حجم صادراتها خلال الأشهر الستة الأخيرة، تراجعت إلى -4.1% على أساس سنوي في شهر نوفمبر الماضي. لكن الشهر الماضي، كان التراجع أقل من ما كان عليه في شهر أكتوبر الماضي حين بلغ -6.5% على أساس سنوي. ويعود سبب تحسن تراجع نمو الصادرات اليابانية إلى انتعاش الطلب عليها من الولاياتالمتحدة التي زادت طلبها على المكائن الكهربائية. ومع أن الاقتصاد الأمريكي يشهد انتعاشاً خفيفاً ولكنه هش في الوقت ذاته، فاقت طلبات الولاياتالمتحدة من اليابان (بالأرقام المطلقة) في شهر نوفمبر تلك القادمة من الصين ولأول مرّة منذ عام. أما الواردات اليابانية، فقد ارتفع مستواها خلال شهر نوفمبر حيث نمت بنسبة 0.8% على أساس سنوي، مقارنة بتراجع حجمها في شهر أكتوبر الماضي والذي بلغ -1.6% على أساس سنوي. وارتفع حجم الواردات أساسياً من الزيادة التدريجية في طلب اليابان على الطاقة لتغطية حاجتها المحلية بعد أن أغلقت العام الماضي جميع مفاعلها النووية ال54. ويقيس الميزان التجاري الفرق بين قيمة الصادرات والواردات للدولة. فعندما تشهد الدولة عجزاً في ميزانها التجاري، فهذا يعني أنها دولة موردة، أي أن قيمة وارداتها تفوق قيمة صادراتها. فعلى مدى عشر سنوات لغاية عام 2010، كان نصف الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لليابان يأتي من صافي صادراتها. ويمثل الميزان التجاري أيضاً أحد مكونات الحساب الجاري الذي يسجل شراء وبيع السلع والخدمات. ويضم الميزان التجاري وصافي الدخل من الخارج (الأرباح المحولة للداخل، وتوزيعات الأرباح، ومدفوعات الفوائد) وصافي التحويلات الجارية (الحوالات، ومعاشات التقاعد، والمنح، والمساعدات الدولية). فخلال عقود، كانت اليابان تتمتع بفائض في حسابها الجاري بفضل قوة الطلب على صادراتها. أما اليوم، ومع استمرار عجزها في الميزان التجاري، فإن مصير الفائض في الحساب الجاري سيعتمد على تدفقات الأرباح من الخارج. والميزان التجاري الياباني يعد أيضاً من المؤشرات القائدة (أي ما يعني أنه من المؤشرات التي تسبق التغير الفعلي) للاقتصاد العالمي، وتأكيداً على هذا، أشار "جولدمان ساكس" مؤخراً إلى أن هنالك ارتباطاً نسبته 90% بين "مؤشره القيادي العالمي" وبين الميزان التجاري الياباني تفرقهما فترة ثلاثة أشهر، بحيث قد يدل تدهور الميزان التجاري الياباني على تراجع في الزخم الاقتصادي العالمي على المدى المتوسط. في الفترة القادمة، من المتوقع أن يتبنى الحزب الحاكم الجديد، الحزب الليبرالي الديمقراطي الياباني الذي تم انتخابه في منتصف ديسمبر وتم اختيار رئيسه شينزو آبي رئيساً للوزراء السابع في ست سنوات، عدد من الخطوات الاقتصادية والمالية لدعم الصادرات اليابانية من ناحية، ولرفع الاقتصاد الياباني بعيداً عن انخفاض الأسعار. ويريد شينزو آبي من البنك المركيزي الياباني أن يضاعف نسبة التضخم المستهدفة إلى 2%، حتى أنه صرّح بأنه قد يعيد النظر في قانون "بنك أوف جابان" (بنك اليابان) الذي يقر للمصرف استقلاليته، إن لم يقم البنك بتطبيق التضخم المستهدف. أما خلال اجتماع اليومين لإقرار السياسات، قام "بنك أوف جابان" بتوسيع برنامجه لشراء الأصول من جديد وللمرة الثالثة خلال أربعة أشهر تحت ضغوط الحزب الليبرالي الديمقراطي. وقد كان للخطط الاقتصادية الطموحة التي وضعها رئيس الوزراء تأثيراً انخفاضياً على عملة "الين" حيث انخفضت بنسبة 6% منذ منتصف شهر نوفمبر ليعطي لقطاع التصدير الدفع الذي يحتاج له لينتعش. كما يعتزم رئيس الوزراء بإعادة تشغيل بعض المفعلات النووية بهدف تخفيض اعتماد اليابان على استيراد الطاقة من الدول المنتجة. ولكن هذه الخطوة قد لا تحوز على موافقة الشعب إلى حدٍ ما، بسبب المخاوف التي تركتها أزمة "فوكوشيما" في مارس من عام 2011. ومع المقترحات الطموحة التي تهدف الحكومة إلى تفعيلها لدعم الاقتصاد الياباني، من المتوقع أن يواصل رئيس الوزراء بدعم قطاع الصادرات وتخفيض العجز في الميزان التجاري في الأشهر القادمة، وبالأخص إن واصل الين انخفاضه. *الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية