حذر إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ عبدالباري بن عواض الثبيتي في خطبة الجمعة أمس من تصيد العيوب وتتبع العورات داعيا إلى اتباع المنهج الرشيد في عرض العيوب بالأسلوب الحسن والكلمة الهادئة والنصيحة في السر وبالتلميح دون التصريح ، مشددا على أهمية الستر كعلاج اجتماعي تحاصر به الرذيلة وتسود به الألفة والمحبة. وقال:المنهج الرشيد في إهداء العيوب يبنى على أدب رفيع فالأسلوب الحسن والكلمة الهادئة الطيبة تشرح الصدر،واللين من غير عنف، والنصيحة في السر، وتلميحا لا تصريحا أقرب للقبول،والأدب في العرض وعبارات الحب والثناء الشرعي أبلغ في التأثير،أما عرض العيوب في مشهد ملأ وجماعة، فنوع توبيخ وفضيحة، وتفضي إلى رفضها وعدم قبولها، والأسوأ أن تجعل ذريعة لانتقاد الذوات وتحطيم مقامهم، وتقزيم مكانتهم،وهذا يعبر عن ذات مريضة.ونفس دنيئة. وأضاف: الستر علاج اجتماعي تحاصر به الرذيلة وتسود معه معاني الطهر والسلامة وتقوى به أواصر الألفة والمحبة،كما يؤسس به لمبدأ عظيم حسن الظن بين المؤمنين،وفرق بين الناصح المشفق،ومن يجعل همه وشغله تصيد عيوب الآخرين،بل هذه آفة عظيمة تنافي الشخصية السوية، حين يطلق المرء للسانه العنان،ويتتبع الناس، فيهرم بدنه، ويمرض قلبه، ويضيع عمره،قال صلى الله عليه وسلم :»إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم». وقال الشيخ الثبيتي: رحم الله من أهدى إلي عيوبي كلمة عظيمة فيها معان جليلة ،لا يقوى على تحقيق مدلولها إلا العظماء أصحاب النفوس الشامخة،الذين تقبل عيوبهم بقوة وشجاعة،وواجهوا أنفسهم بكل ثبات،وانصرفت هممهم للتفكير في إصلاح ذواتهم،»وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم «،وليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا فيه عيب،وإذا ترك الإنسان الغفلة وترقى في الطاعة انكشفت له أسرار نفسه وتبصر بعيوبه،ويزداد المرء توفيقا إذا رزق بقرين صالح صدوق يبصره المعايب،ويكشف له المثالب دون تشهير،وقد تنتفع بعدو حاقد أكثر من انتفاعك بصديق مداهن، فعين السخط تبدي المساوئا،وإذا عرف عيوبه أمكنه علاجها،والإعراض عن معرفة العيوب علامة ضعف ونقص،اعتقادا منهم بأنهم وصلوا مرحلة من الكمال. وأضاف:الأمة الإسلامية كحال أفرادها لا تخلو من عيوب تبطئ نهضتها وتضعف قوتها ومدراسة عيوبها يقوي شأنها ويرفع شأوها وهذه مهمة سامية يقود دفتها العلماء الربانيون والمفكرون الناصحون والمصلحون الصادقون الذين يحاصرون العيوب ويصوبون الخلل ويسدون المسار بحكمة وعلم بعيدا عن الجدال والمراء وجلد الذات والبكاء على الأطلال ومن العيب أن نروم إصلاح عيوب الأمة بتجريح الأشخاص ولمز الهيئات وانتقاص المؤسسات واستهداف الرموز ومن العيب أن نعيب أمتنا والعيب فينا وما لأمتنا عيب سوانا.قال تعالى:» إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم «.