ماذا عن مكتبات العلماء العرب الذين قضوا نَحْبَهم وأين آلت مكتباتهم بعد رحيلهم؟ على هذا السؤال يأتي الجواب في كتاب كامل صنفه الباحث أحمد العلاونة وأخرجه في كتاب وسمه (العلماء العرب المعاصرون ومآل مكتباتهم) الصادر مؤخراً عن دار البشائر الإسلامية بالاشتراك مع مكتبة ومركز فهد الدبوس بالكويت. والكتاب الذي يقع في قرابة الثلاثمائة صفحة يجيب عن هذا السؤال الصغير. ذلك أن العالم أو الأديب يشقى طول عمره في تكوين مكتبته الخاصة ويدفع لها الغالي والنفيس حتى يظفر بمكتبة ضخمة تضم المخطوطات والمصنفات والدواوين تكون مركزاً له حين يرجع إليها فتسعفه بكل ما يروم ويحث، ذلك أنه انتقاها بعناية وربما اعتنى بتجليدها وعلق على بعض كتبها بما يراه أصوب إلى جانب ما طرز فيها – أي الكتب – من إهداءات المؤلفين لأصدقائهم الأدباء والمثقفين. ويذهب المؤلف العلاونة في تعريفه بما يحدث للمكتبات الخاصة من بعض الآفات كأن يتخلص منها ورثته برميها على أقرب حاوية للنفايات أو بيعها بثمن بخس إلى تجار الكتب أو حفظها عند الورثة أيضاً في أماكن لا تصلح لحفظ الكتب ما يعجل بتلفها وغيرها من الطرق والوسائل المؤدية إلى ضياعها. لكن بعض العلماء من الأدباء والمحققين والشعراء والساسة يوصون إما ببيعها إلى مركز علمي أو إهدائها إلى مجمع أدبي حتى ينتفع طلاب العلم منها فتكون مقصداً للباحثين والدارسين. يقول أحمد العلاونة في مقدمته لكتابه: إن الغاية من هذا الكتاب هي التعريف بمكتبات العلماء والكشف عن كنوزها وأن يقرر كل عالم مصير مكتبته في حياته لئلا تتبدد وتشرد بعد وفاته ودعوة مراكز البحث والجامعات والمكتبات العامة إلى شراء مكتبات العلماء المتميزة لحفظها. هذا وقد صنف العلاونة كتاباً مشابهاً لهذا الكتاب واقتصره على علماء المملكة العربية السعودية وأصدرته دارة الملك عبدالعزيز بالرياض. والكتاب يبحث ويتقصى جمهرة من العلماء في كافة البلاد العربية وهم زهاء الثلاثمائة بين عالم وأديب وشاعر ومحقق وفقيه وسياسي وجغرافي ومؤرخ وتربوي. وقد احسنت مراكز البحث العلمي الشهيرة كمركز جمعة الماجد ومكتبة الملك فهد الوطنية ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة، وكذلك مكتبات الجامعات في الوطن العربي ومكتبات البلديات وخزانات الكتب في بلاد المغرب بشراء هذه المكتبات الخاصة أو قبول ما يأتي إليها من إهداء أصحاب المكتبات إلى هذا المراكز. وقد كان أشهر من أهدوا مكتباتهم أو باعوها إلى مراكز البحث العلمي في العالم العربي: إبراهيم السامرائي، إبراهيم العريض، إبراهيم المازني، إحسان عباس، أحمد تيمور، أحمد لطفي السيد، أمين الريحاني، انستاس الكرملي، جمال حمدان، الحبيب اللمسي، حسن الكرمي، حسين مؤنس، خليل مردم، رفاعة الطهطاوي، روكس العزيزي، سامي الكيالي، سليمان حزين، أحمد صقر، شاكر الفحام، شكري فيصل، شوقي ضيف، عبدالله الأنصاري، طه حسين، عباس العزاوي، عبدالله حلاق، عبدالحميد السائح، عبدالرحمن صدقي، عبدالعزيز الدوري، عبدالفتاح أو غدة، عبدالهادي التازي، عز الدين العراقي، علال الفاسي، علي باكثير، عمر الأميري، علي مبارك، فؤاد صروف، قسطنطين رزيق، كوركيس عواد، لويس عوض، متى عقراوي، حامد الفقي، محمد حسين هيكل، محمد شوقي الفنجري، الطاهر بن عاشور، عبدالحي الكتاني، محمد عبده، محمد عوض محمد، محمد كفافي، محمد كرد علي، محمد الشنقيطي، معروف الدواليبي، ناصر الدين الألباني، محمود الطناحي، مصطفى جواد، مصطفى الشهابي، نجيب البهبيتي، يحيى حقي، يوسف صيداوي، يوسف العظم، يعقوب العودات وغيرهم. وقد أضاف في نهاية الكتاب ملحقاً به صور لنماذج بعض الكتب التي أهديت من مؤلفيها وبعض ما دوّن في صفحاتها من تنبيهات وإشارات وتعليقات بخط أصحاب المكتبات.