تمضي بنا السنون سريعاً ونحن مشغولون بواجباتنا ومسؤولياتنا التي تكاد لا تنتهي، وفي نهاية كل عام من الأعوام التي تتساقط عن شجرة الحياة، لتنطوي في عباءة الماضي، يؤلمنا إحساسٌ غريب بالسلب؛ لأن أيامنا تُسرق منّا فعلاً! ثم نحاول أن نستوقف هذا العام- وقبل غيابه تماماً- كي نودعه بنظرة متأملة أخيرة، ونستذكر فيه ما مضى وانقضى من رحلة الحياة، ونحاول تقييم أعمالنا، وقياس مدى الرضى عن ذواتنا. هذا ما يفعله الجميع غالباً وهم يقفون على عتبات العام الوليد، وقد أفادوا من أخطائهم في العام الذي سبقه، وفرحوا بأهدافهم التي استطاعوا بلوغها، وكم من الأفكار والخبرات والأصدقاء والذكريات ستعبر معهم إلى العام الجديد. في كتاب (الأسئلة) للكاتبين: ميكايل كروجرس ورومن تشابيلر، 616 سؤالاً، تمس تفاصيل حياتنا جميعها، وتساعدنا في فهم عدد من الأمور التي تهمنا مثل: الحياة والعمل والمال، والعلاقات والسعادة، وتلك الأمور التي تحفزك لبدء يوم جديد، أو تشعرك بالخوف أو بالتفاؤل أو بالحزن. كثير من المفاهيم التي ينتج عنها الكثير من الأسئلة، بعضها لا تحتاج جواباً سوى بنعم أو لا، وبعضها الآخر لا يمكن الجواب عنها ببساطة، فتجعلك غارقاً في التأمل والتفكير في طبيعة السؤال أكثر من البحث عن جواب مناسب؛ ويعود السبب في ذلك إلى أن مثل هذا النوع من التساؤلات يمس مناطق خصبة في عقولنا وقلوبنا، فيصنع ثورة من الذكريات الغنية بالأحداث والمواقف. قرأت منذ زمن طويل عن نظرية «السلّة» المملوءة بالحجارة فوق رؤوسنا، وضرورة تفريغها من حين إلى آخر، حتى لا يعجزنا ثقلها. إن آثار المشكلات التي تواجهنا أشبه بتلك الحجارة. فما الحل إذاً؟ لا أعتقد أن أحداً منّا يجهل ما ينبغي فعله تجاه هذه المسألة. لقد راقتني هذه الفكرة جداً، فصرت أفرغ سلتي يومياً، ثم أمضي إلى شؤوني بقلب رحب، ومن دون ضغينة أو كراهية إلى أي أحد. وللمناسبة، فهذا ما شجّعني اليوم أن أقدم لكم هذا الكتاب، ففيه رسالة واضحة يقدمّها إلى مطالعيه، تتمثل في: أنه ليس من الصحيح القول بأن في حياتنا أسئلة صحيحة وأخرى خاطئة فقط، بل إجابات ينبغي لنا أن نصدق فيها عند تصريحنا بها. وقد لا تروق فكرة هذا الكتاب للبعض، لكن لا ضرر من محاولة التجربة، والبدء في الأسئلة الآتية التي اخترتها لكم، لتقرروا فيما بعد بشأن قراءته من عدمها: هل ترى نفسك مخلصاً أو منتمياً؟ صنّف نفسك. هل أنت أهل للثقة بين الناس؟ أتذكر حادثة لم تكن فيها مصدر ثقة؟ هل أنت شخص شجاع؟ اذكر حادثة كنت فيها شجاعاً وأخرى كنت فيها جباناً؟ ما هي المهارات التي تتمنى أن تكون لديك ولا تمتلكها؟ اذكر ثلاثاً منها. في علاقاتك مع أهلك وأصدقائك، هل تشعر أنك تحبهم أكثر من حبهم لك أم العكس؟ من هو منافسك؟ هل أنت خاسر دائماً؟ إن الصراحة في الإجابة على مثل هذه التساؤلات، يمثل عنصر الصدق المطلوب عند قراءة هذا الكتاب، وهو يعتمد على مدى فهم الشخص ذاته، ووعيه بدوافع الأعمال التي يقوم بها، فإن كان صادقاً مع نفسه- على أقل تقدير- للبوح بإجابات حقيقية وغير زائفة، فقد خطا خطوة كبيرة نحو السعادة. ضالّة الناس هذه الأيام! * رئيس تحرير مجلة فوربس