الأمر جد خطير، والمسألة أوسع من نطاق تفكير من سيدع لب الموضوع ويثور على سيرة القيادة النسائية ويعارضها بقناعات لا سند ولا مؤيد لها بنصوص كتاب أو سنة، قيادتهن ليست قضيتنا بيد أني أعتقد أن هذا أحد أبلغ الأسباب للمشكلة. ألا تقود النساء هو ما جعل توفر سائق خاص بالعائلة، أو وسائل توصيل عامة سواء سيارات الأجرة أو التوصيل الجماعي الموضة الجديدة أمر حتمي لتخرج لممارسة حياتها الطبيعية لدراسة أو عمل أو زيارة أهل أو أقارب أو معارف أو صديقات، أو لقضاء حوائجها وأطفالها أو لتقصد متنفساً وترفيهاً لها ولأطفالها مع تقلص دور رب البيت في ذلك لظروف عمل أو مشاغل أو تنصل من المسؤولية، أو لعدم وجوده أصلاً مع أرملة أو مطلقة مما أدى لخلق البدائل، وسائقو الأسر اليوم ما عادوا أحسن حالاً من خادماتها، فالخادمة تهرب وتضرب وتغير مكانها وكفيلها دون رادع إلى أن تجرأن مؤخراً على السحر والقتل، والسائقون يسيرون على ذات نهج من أمنوا العقوبة فمن الطبيعي أن يسيئوا الأدب، وها هم يتدرجون من تمرد لهروب ومن جديد أحوالهم أن يصبر في بيت الكفيل إلى أن يجمع ما يكفل له شراء سيارة متوسطة العمر لتعينه على اللحاق بالركب، فسيارات التوصيل الجماعي أو السائق عند الطلب مما اكتشف فوائده عمالة سائبة أصبح واحدهم (متسبباً) فلن يبالي بترك عمل لأنه سيجد أسرة أخرى في أمس الحاجة له سيعمل لديها بمبلغ يعادل أضعاف ما يتقاضاه في العقد المبرم مع كفيله، وها هي رواتب السائقين لمن يبحث عنهم من داخل البلد تصل إلى الألفين والألفين وخمس مئة قابلة للزيادة كبدل سكن أو طعام وخلافه، ويملي شروطاً تُقبل بأمر الحاجة له إذ باتوا يطلبون عربوناً، أو تغيير تلفاز وغسالة ملابس، وقريبة لي طلب أن تصطحبه لمحل للأواني لينتقي ما يناسبه، يتشرطون فلا متابع لأوضاعهم، ومنهم من يشتغل (كداداً) على سيارة العائلة، والكثير اليوم ما عادوا يفضلون العمل مع العوائل لذا وصلت رواتبهم لأرقام فلكية، السائق اليوم على سيارته الخاصة يتحصل على مبالغ كبيرة من توصيل مجموعة طالبات لجامعاتهن ومعاهدهن أو موظفات لمقر العمل وأثناء المشوار يستعطفهن ليجدوا له زبائن خلال اليوم والمشوار يحسب بالساعة، ولو تجرأت زبونة لتسأل عن الجهة التابع لها لعرضت نفسها للنفي خارج المجموعة وما أسهل أن يجد البديلة، وكنت أخشى أن تسفر تلك الأوضاع عن مصائب قبل أن يلتفت لأحوالهم لاسيما أن الموضوع يخص نساء وأعراضاً ومنهن من تخرج لقرى ومناطق بعيدة للعمل مما يستوجب ضمان الأمن والثقة. لابد أن ننوه لخطر ما قد ينجم عن رفقة سائق لا يعرف عنه ما يكفي لنأمنه على بناتنا، فهؤلاء ممن تحكمهم المصلحة لا يتوانون عن مطاوعة مراهقات على تغيير وجهتهم من البيوت لمقر الدراسة وقد يغرر الجريئات بأخريات دون سن التعقل فيغروهن بالذهاب لأماكن متفرقة والعودة مع نهاية اليوم الدراسي وما أكثر من يخشى عليها من هذا الحال، بالذات ان بعض البنات تعد نفسها قد غدت كبيرة لا يصلح أن يتصل على ولي أمرها فيضعن أرقاماً زائفة لأولياء أمورهن وبدل رقم البيت رقم محل بقالة ونحوه كي لا يتسنى التواصل مع ذويها وهي تخطط لمثل تلك الأحوال معتقدة أن الخروج للإفطار أو احتساء القهوة في مكان عام ليس بالمصيبة ولا الطامة الكبرى دون أن تميز ما يلطخ سمعتها فيما لو حصل لها - لا قدر الله - مكروه في مكان ما والأهل يعتقدون أنها في مقر دراستها ونحوه، وهذا قد يغدو بوابة لتساهل وتسيب أخلاقي وفي النهاية ذاك السائق سيمثل دور العبد المأمور ولن يُسأل ولا يتدخل بالأمر المهم أن يقبض مبلغاً إضافياً وحسب ليتكتم على الوضع، وقد سمعت مؤخراً بمن تحرش بإحدى زبوناته لأن من معها يدخن السجائر مما أوحى له أن أخلاقهن قابلة للاستدراج لنفسه أو غيره. .. الوضع يحتاج للفتة وصرامة، وأن يطبق على تلك السيارات قوانين سيارات الأجرة (الليموزين) تغدو برقم واضح ويتبع لجهة وشركة محددة وتوضع لوحة توضح ذلك لمن يركبون خلفه، فذلك سيحد من مشكلة جشع هؤلاء وأجورهم المرتفعة، ويخمد القنبلة الموقوتة لتوسع تلك الظاهرة وما سيتبعها، وليوقف سيل هروب سائق العائلات ممن يدفع فيهم مبالغ كبيرة ويأتي ويتعلم تلك السياسية أو يتمرد أو يهرب. لابد من النظر بحسم وجدية لوسائل التوصيل الجماعي بالذات قبل أن يقع الفأس بالرأس فالتزكية للسائق حين تأتي من صديقات أو معارف ما لم تصدق من جهة معينة خطر وتمهد لمخاطر أكثر، كما أننا نبحث عن تحديد لمن نتوجه للمتابعة أو المحاسبة في حال حدوث أي عارض، وربما في مستقبل قريب نتمنى أن تسعوَد هذا المهنة ويمتهنها متقاعدون منها تسد فراغه، وسنه وانتماؤه سيخوله ليكون الأكثر أماناً على النساء من أجنبي ستكون المصلحة أولاً وأخيراً هي جل ما يربطه بهن. .. عمالة سائبة، هروب خادمات وسائقين، سيارات توصيل غير مصرح لها ولا تتبع لجهة بعينها، وأسر تفقد سائقاً دفعت له الكثير مما اضطرها لموجود آخر يملي شروطه، هي حزمة هموم تتطلب جدية في المعالجة ووقفة صادقة.