كلما شاهدت لقطة من فيلم حرب العوالم (لتوم كروز) أتذكر أول رواية علمية قرأتها في طفولتي.. فبدون سابق إنذار تهبط مركبات فضائية متقدمة تستعبد الناس وتمتص خيرات الأرض وأجساد البشر (بمعنى الكلمة).. وبفضل أسلحتها المتقدمة تتغلب المخلوقات الفضائية على الجيوش البشرية وتدمر مباني الأممالمتحدة وتجرد الناس من كامل ممتلكاتهم.. وحين يئس الناس وقنعوا بالاستعباد حدث ما لم يتوقعه أحد.. فقد بدأت تلك المخلوقات في الهلاك بصورة مفاجئة وأخذت تتساقط الواحد تلو الآخر أمام ذهول سكان الأرض. وبعد البحث والتقصي اتضح أن المخلوقات الفضائية لم يكن لديها مناعة ضد الجراثيم الأرضية الأمر الذي أدى إلى إصابتها بأمراض فتاكة غير معروفة على كوكبها الأصلي.. أما سكان الأرض فلم يصبهم سوء لتأقلمهم مع هذه الجراثيم وامتلاكهم مناعة ضدها عبر أجيال كثيرة.. إما ماتت أو تكيفت معها!! هذه الرواية التي كتبها رائد الخيال الانجليزي (ج.ويلز) كان لها الفضل في لفت انتباهي في سن مبكرة لماهية الجراثيم ودور جهاز المناعة في مكافحتها.. وإن كانت المخلوقات الفضائية في هذه الرواية قد أبيدت بواسطة جراثيم أرضية المنشأ، فإن هناك رواية تحمل مضمونا معاكسا للكاتب ميشيل كريشون وتدعى (سلالة الاندروميدا).. فهذه الرواية تتحدث عن جرثومة فضائية دخلت الأرض مع إحدى المركبات التي أطلقها الانسان بنفسه وتسببت في إبادة سكان الأرض! فرغم ان معظم أفلام الخيال العلمي تصور هلاك الأرض على يد مخلوقات فضائية عاقلة؛ الا ان الخطر الحقيقي قد يأتي من جراثيم وكائنات فضائية لا ترى بالعين المجردة. ورغم أن الأمر يبدو خياليا أو مبالغا فيه؛ إلا أن هناك حالات مثبتة دخلت فيها مجهريات خطيرة لغلاف الأرض عن طريق المذنبات والنيازك الفضائية - وفي حالة كهذه ليس هناك ما يمنع تأقلمها مع بيئة الأرض واخلالها بالتوازن البيئي للكوكب!! على أي حال؛ طالما تأكد وجود كائنات مجهرية في الفضاء الخارجي فلنا أن نتصور دخول جرثومة خطيرة الى الأرض وإبادة البشر قبل التمكن من دراستها وصنع مضادات لها.. وأنا شخصيا أتساءل إن كانت الأرض قد تعرضت خلال تاريخها الطويل لمثل هذه الكارثة؟.. بمعنى؛ هل انتشار الطاعون الأسود مثلا خلال القرن الرابع عشر وإبادته لثلث سكان الأرض سببه جراثيم غريبة قدمت من الفضاء الخارجي (!؟) أم أن مرور الأرض خلال مذنب هالي عام 1910 كان سببا في انتشار الانفلونزا الاسبانية التي قتلت ثلاثين مليون إنسان في ذلك الوقت!؟ وما الذي جعل علماء بريطانيين يفترضون - قبل أعوام - أن فيروس سارس له أصل فضائي وأنه دخل للأرض من أضعف نقطة فيها!؟ .. هذه الفرضيات تؤخذ بجدية من قبل وكالات الفضاء العالمية.. فبعد كل رحلة فضائية يحجز الرواد في كبسولات خاصة حتى يتم تعقيمهم - كما تعقم المركبة بأكملها مما يكون قد علق بها من جراثيم. وفي المقابل يتم تعقيم المركبات الأرضية المنطلقة إلى الفضاء خوفا من انتشار الميكروبات الأرضية في الفضاء الخارجي!! وهذا أيها السادة سر الملابس البيضاء والمعقمة التي يرتديها المهندسون والعاملون في مختبرات ناسا والوكالة الأوروبية.