يوماً بعد يوم يزداد العلماء قناعة بأن أنواعاً معينة من الحياة هبطت من الفضاء الخارجي.. فالأرض ليست كوكباً مغلقاً وتتعرض يومياً لوابل لا ينتهي من النيازك والعواصف الشمسية والغبار الكوني. ووجود جراثيم في الفضاء الخارجي أمر تم التأكد منه من خلال الرحلات الفضائية وتحليل النيازك التي هبطت على الأرض.. ولعلكم تذكرون أنني تحدثت عن اكتشاف جراثيم عضوية في نيازك قدمت من المريخ عام 1999 - كما تعرضت لسقوط محطة مير وقد علق بهيكلها كم كبير من الفطريات الغريبة!! ومؤخراً قرأت على موقع ال «بي بي سي» أن العلماء في بولندا اكتشفوا نوعاً من البذور الحياتية في الغبار الكوني. وقالوا إن احتمال وصول أحياء دقيقة ضمن الغبار الكوني أكبر بكثير من وصولها على ظهر أحد النيازك أو المذنبات.. فالنيازك تحترق بشدة حين تدخل جو الأرض - وهو ما قد يدمر أي حياة دقيقة تحملها. أما الغبار الكوني فيخترق الغلاف الجوي بلطف وقد يندمج ضمن كائنات الأرض بمساعدة العواصف الشمسية!!. ٭ وفكرة هبوط جراثيم من الفضاء الخارجي كانت حتى وقت قريب من قبيل الخيال العلمي، فهناك رواية لميشيل كريشون تتحدث عن جرثومة فضائية دخلت مع إحدى المركبات التي اطلقها الإنسان بنفسه وتسببت في إبادة معظم سكان الأرض.. ولكن رغم أن كتّاب الخيال العلمي تصوروا هلاك الأرض على يد مخلوقات فضائية عاقلة إلا أن الخطر الحقيقي قد يأتي من كائنات فضائية لا ترى بالعين المجردة. ولأن هذا الأمر وارد تأخذه وكالات الفضاء على محمل الجد ولا تتهاون فيه أبداً، فبعد كل رحلة فضائية يحجز الرواد في كبسولات خاصة ويتم تعقيم المركبة بأكملها مما يكون قد علق بها من جراثيم. وفي المقابل يتم تعقيم الصواريخ المنطلقة من الأرض خوفاً من انتشار الميكروبات الأرضية في الفضاء الخارجي.. وطالما تأكد وجود كائنات مجهرية في الفضاء فلنا أن نتصور دخول جرثومة خطيرة إلى الأرض وإبادتها للبشر قبل صنع مضادات لها.. وكان الكاتب البريطاني ديفيد كيس قد تحدث في كتاب «الكارثة عبر التاريخ» عن وباء الطاعون الذي أباد ثلث سكان الأرض في القرن الرابع عشر. وافترض (كما جاء في القناة البريطانية الرابعة) أن جرثومة طاعون محورة قدمت من الفضاء وسببت هذا العدد الكبير من الوفيات!!. ٭ هذا الافتراض يعيدنا إلى يناير 2000 حين اجتاحت موجة من الانفلونزا كامل أوروبا. ففي ذلك الوقت ادعى العلماء في جامعة كارديف - في ويلز - انها نتيجة لغبار كوني كثيف تساقط على الأرض. وقالوا إن جزيئات الغبار ربما كانت تحمل فيروس الانفلونزا أو جزيئات شكلت عاملاً لانتشاره (حسب الشرق الأوسط في 20/1/2000م).. وفي الحقيقة أن فرضية المصدر الخارجي لفيروس الانفلونزا ليست جديدة تماماً. ففي عام 1910 مرت الأرض خلال الذيل الطويل لمذنب هالي. وفي نفس العام انتشرت «الانفلونزا الاسبانية» بسرعة في كل العالم وقتلت ثلاثين مليون إنسان - ونفس الفرضية سمعناها حين انتشر فيروس سارس قبل فترة وانفلونزا الدجاج هذه الأيام.