تنبؤات عديدة من أمريكا وأوروبا وآسيا عن بروز القوى القادمة، ففي حين يتفق الأمريكان أن المنافسة بين أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا ستصبح لصالح الأخيرة، وأن أمريكا الجنوبية ستأخذ دوراً فاعلاً تقوده البرازيل، فالوطن العربي سيكون عضواً إذا خرج من عنق الصراعات والانقسامات وبدأ مشروعات مختلفة، سواء على شكل تكتلات مثل المغرب العربي، وبلدان حوض النيل، والشام ودول الجزيرة العربية مجلس التعاون واليمن، وربما العراق، قد تصبح لاعباً في المجاميع الكلاسيكية والناشئة.. علاقات العرب مع الغرب بقطاعيه الأوروبي والأمريكي ظلت غير منسجمة بعد إرث الاستعمار وإسرائيل ودخول الاتحاد السوفيتي طرفاً في الصراع، لكن ما بعد زوال الاتحاد السوفيتي وعقد سلام مصري - إسرائيلي، صار الغرب حاضراً بقوة، ولم تستطع روسيا أن تملأ فراغ سلفها القوة العظمى لأنها عانت مشاكل لا تزال تواجهها، وإن كانت قد تدخل منتدى الكبار ليس بشحنات الأسلحة التي تبيعها، وإنما في تنويع مصادر صناعاتها والمتزاحمة على السوق العالمية بسلع جديدة.. الاتجاه إلى آسيا بالنسبة للوطن العربي، أمر تفرضه التحولات العالمية، ولعل دول مجلس التعاون الخليجي بدأت تتطلع إلى استثمارات مشتركة مع القارة الكبرى التي ولدت من جديد بأقطاب ينظر لهم العالم أنهم عنصر القوة على مدى العقود الثلاثة القادمة وما بعدها، ودول المجلس هي من تزود آسيا بالنفط ومبيعات البتروكيماويات مقابل استيراد العديد من السلع، حتى أن سوقها أصبح مهماً لتلك الدول، وإذا كان الجانب السياسي غائباً لصالح الاقتصادي، فهي طبيعة المرحلة والتي ستتغير مع نمو القوة الاقتصادية.. أمريكا الجنوبية التي لا نعرف منها إلا كرة القدم وبعض المهرجانات التي اشتهرت بها بدأ التعاون معها بعقد قمم وهيئات مختلفة، وقد كان الاستثمار الزراعي من قبل دول الخليج العربي هو الأساس، فهناك العديد من الإمكانات التي تزخر بها القارة، وهي تشبه الحالة العربية في مراحلها التي مرت بها.. فقد عصفت بها الحروب والتدخلات الأجنبية، وعاشت نظماً دكتاتورية ووصل بعضها إلى حد الإفلاس الاقتصادي عندما أغرقت الشركات الأمريكية والأوروبية البرازيل ثم سحبت أموالها فحدث الانهيار، لكنها الآن أحد مراكز الثقل العالمي في مسيرتها الاقتصادية الحديثة، وتأتي البلدان الأخرى لأن تكون رقماً جديداً في عالم المستقبل، ولعل ما يميز بلدان القارة أنها لم تكن على تقاطع سياسي مع الوطن العربي سواء كان ذلك أيام الحكومات اليسارية أو اليمينية، لكنها، وهي تدخل مرحلة النظم الديموقراطية بدأت تطل على كل العالم، والوطن العربي الذي تميز بوجود أقلية عربية صعدت إلى مراكز كبيرة، يفترض أن تتسع خطواتنا إليها لأنها بلدان لديها مقومات النهوض، ولعل الأزمة العاصفة المالية والاقتصادية في أوروبا، وأمريكا، تمنح دول الخليج ميزة الدخول في مشاركة دول القارة في العديد من المشاريع وهي فرصة قد لا تحدث إلا في هذا الوقت الذي يجب استثماره بعقل وبحس من يدرك كيف تتجه الرياح العالمية..