اقتربت الساعة وانشق القمر، ولكن العالم لم ينته في هذا الشهر.. فقد تبقت ساعات قليلة على يوم الغد (الموافق 21 ديسمبر من عام 2012) ولم تنته الدنيا حسب نبوءة المايا.. التي وصلت المهاترات حولها حد أن وكالة ناسا وضعت على موقعها عنوانا يشرح "لماذا لن ينتهي العالم في 21 ديسمبر" Why the end of the world not coming on December 21.. ولمن لا يعرف خلفية هذا النبوءة أحيله الى مقال كتبته عام 2002 (تجده في الإنترنت تحت عنوان: هل سينتهي العالم عام 2012) سبقت به هوليود التي أنتجت فيلما يحمل نفس التاريخ وينسج على ذات المضمون.. وفي ذلك المقال قلت ان اهتمامي بنبوءة المايا لا ينبع من صحتها أو اقتناعي بها بل من أن شعب المايا (في أمريكا الوسطى) وضع جداول رياضية تنبأت بدقة بالكوارث الجوية والأحداث الفلكية.. وهي جداول لا تعتمد على التنجيم أو الأساطير (كما في أغلب الحضارات) بل على استنتاجات فلكية ومناخية وضعت بعد مراقبة طويلة. ففي وقت كانت فيه باريس ولندن مجرد قرى بدائية وصلت قبائل المايا في أمريكا الوسطى الى مستوى متقدم في علوم الفلك والرياضيات ورصد نمط الكوارث الطبيعية.. وتتضح براعتهم بوضع ما يعرف ب "تقويم المايا" الذي استطاعوا من خلاله التنبؤ بالفيضانات وهبوب الأعاصير ومواسم القحط والجفاف. وهو عبارة عن جداول رياضية تتكرر بنمط دوري وتتوافق فيها الايام مع التواريخ (كأن يوافق الأول من فبراير عام 2099 يوم السبت، والأول من فبراير عام 1982 يوم الثلاثاء)..!! غير أن هذا ليس كافيا لاقناعنا بقدرتهم على التنبؤ بنهاية العالم كونه من المغيبات التي يستحيل على البشر معرفتها مهما بلغ بهم الذكاء.. ولأنه لم يتبق سوى "ساعات" على انتهاء مهلة المايا، أجزم أنه لن يتحقق خلالها ما لم يتحقق طوال العشر سنوات الماضية!! .. غير أنني في المقابل لا أضمن بأنها ستكون (آخر حلقة) من سلسلة نبوءات تاريخية فشلت جميعها في توقع نهاية العالم.. فجميع الشعوب والثقافات والأمم تملك نبوءات وتواريخ ينتهي العالم على إثرها بطريقة مفاجئة لسبب من الأسباب.. وحتى من يراجع كتب الأحاديث بدقة وتجرد يجد فيها أحاديث كثيرة توحي بقيام القيامة وانتهاء العالم حتى قبل اكتمال القرن الأول الهجري (وابحث بنفسك في النت عن الأحاديث التي رواها أنس بن مالك أن رجلا أتى الى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله: يا رسول الله متى الساعة قائمة؟ قال: ويلك وما أعددت لها. قال: ما أعددت لها إلا أني أحب الله ورسوله قال: إنك مع من أحببت....) الى نهاية الحديث! أما في الثقافتين المسيحية واليهودية فلا أكاد أحصي عدد النبوءات الكارثية المعتمدة على نصوص من التوراة والانجيل.. كان أبرزها عام 1967 حين احتل اليهود القدس واعتبره المتدينون من الطرفين تهيئة لنزول المسيح المنتظر وقيادته لآخر معارك التاريخ ضد الكافرين.. وكان آخرها عام 2000 حين سافر آلاف المتدينين الى القدس بانتظار النزول الثاني للسيد المسيح والانجراف معه إلى السماء (ومعظمنا يتذكر هذه الفترة)!! .. ولأن نبوءة المايا لن تكون الحلقة الأخيرة في سلسلة النبوءات المفبركة افترض أن العالم سيتبنى في العام الجديد 2013 نبوءة إسحاق نيوتن التي لم يهتم بها أحد حتى الآن.. فقبل وفاته بفترة بسيطة أعلن هذا العالم الإنجليزي (الذي اكتشف الجاذبية وقوانين الحركة) أن حساباته الدقيقة تؤكد انتهاء العالم في عام 2060 بسبب اضطراب شامل سيصيب كواكب المجموعة الشمسية!!