منذ بضعة أعوام كتبت عن الزميل عبدالرحمن الراشد رئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط, وأعتقد وقتها انه كان يعمل في مجلة المجلة.. ووصفته ضمن ذلك المقال بأنه كاتب سعودي يملك كفاءة الإعلان عن قدراته بما يكتبه من مواضيع متمكنة تجعلنا واثقين من حضورنا المنافس على العمل الصحفي العربي. ومع أنه من الطبيعي ان أختلف عنه وأختلف معه إلا أنه لا يوجد بيننا من اختلاف الآراء ما يوجب قطيعة الالتقاء على هدف مشترك هو خدمة المصلحة الوطنية العليا.. وقد فوجئت في بيروت يوم أمس الأول أن اقرأ عبر الفاكس ثم في اليوم التالي عبر الجريدة ما كتبه الزميل محمد رضا نصرالله في زاويته "أصوات" عن الزميل الراشد.. ونصرالله حين يأتي برأي, فإنه يرسله ساخنا يتجاوز به أحيانا فتح مبررات الاختلاف وفتح فرص الاتفاق.. حدث ذلك في أكثر من موضوع وأكثر من شخص, وفي البداية عندما قرأت الموضوع كان لي عتاب على الزميل عبدالعزيز الجارالله الذي يتولى مسؤولية تنظيم النشر لأنه بغض النظر ما إذا كان أي من الزميلين محقا فيما ذهب إليه أو مخطئا إلا أن هناك اعتبارات زمالة يتساوى فيها رئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط الصديق ورئيس تحرير جريدة البلاد الذي لا أعرفه شخصيا ويتساوى فيه أيضا رئيس تحرير جريدة تصدر في الأردن أو أخرى تصدر في البحرين من أنه يجب الرجوع إلى رئيس التحرير احتراما لاعتبارات الزمالة قبل الصداقة, أما اعتبارات الصداقة والتي تجعلني قريبا من أفكار الزميل عبدالرحمن الراشد والذي لا يضيره أن أختلف جذريا مع بعض منها واتفق مع آخر, فإنني أستغرب مقارنة ما يكتبه الراشد بما يكتبه "توماس فريد مان" وقد تعرض هذا الكاتب لكثير من حملات النقد القاسية والمحقة في آن واحد لما هو عليه من استخفاف بالعالم العربي وتمكين للطمع اليهودي في كل الحق العربي لكن الراشد لم يفعل ذلك كان موقفه يقوم على خذ وطالب وبالتأكيد لم يكن يعني الثوابت التي تأتي عروبة وإسلام القدس في مقدمتها وما هو في قياسها مثل مشكلة اللاجئين الذين يدرك الزميل الراشد أن مخيماتهم قنابل موقوتة في كل بلد عربي يعاني جدا من الطائفية والعرقية في توزيع النسبة السكانية, فكيف هو الأمر إذا أضيف اللاجئون إلى ذلك التوزيع للإخلال به وكل ذلك تفاديا لئلا تتنازل إسرائيل عن مزيد من الأرض المحتلة كي تحل مشكلة الطرفين.. إن الكاتب عندما يتخصص بالكتابة السياسية فإنه لا يخضع لحساسية التفسيرات وفق محاذير عند الآخرين بل ينطلق عبر مفاهيم شبه عامة وغير قابلة لتلك التفاسير, نفس الشيء فإن الكاتب المتمرس بالشأن المحلي يعرف المزالق الخاصة في ذلك الشأن ويكون أكثر حذرا لأن الشأن المحلي خاضع لاعتبارات اختلاف المفاهيم حتى في البيت الواحد بينما القول بالرأي السياسي حتى ولو كانت لغته موجهة إلى فلسطيني وإسرائيلي في آن واحد يبقى مفهوما وواضحا لتعامله مع الثوابت عند كلا الطرفين والتي هي معلومة سلفا .. والزميل الراشد لم يكن يتناول موضوعا محليا تمليه العاطفة أو التعاطف.