وهي حقيقة أدركتها الدول المتقدمة منذ بداية القرن العشرين، وقبل أن ترتفع أسعار النفط، فعمدت كل دولة منها على تعميم المترو والترام والاوتوبيسات والتروللي بوس، وهذا حدث في مدينة كالقاهرة، فعندما زرتها لأول مرة في عام 1948 كانت هناك شبكة من وسائل النقل العام تغطي كل القاهرة من ترام واتوبيس، ولم تكن هناك حاجة لأن يستخدم الإنسان التاكسي إلا في النادر وفي الأمور المستعجلة، ثم مر وقت على مصر حدثت فيه أزمة مواصلات نتيجة الهجرة من الريف إلى القاهرة، ولكنها بدأت تحلها في إيجاد شبكة من مترو الأنفاق، وفي باريس تطور النقل العام فأصبح يشمل محطات للدراجات في كل حي من أحياء المدينة، وما عليك إذا دخلت المدينة سوى أن تركن سيارتك، في أقرب موقف، وتلجأ إلى محطة دراجات وتسحب واحدة مقابل البطاقة البنكية، وتذهب لقضاء مشاويرك، والآن بدأ القوم في باريس يستعملون مع الدراجات سيارات كهربائية صغيرة، والهدف بالطبع توفير استهلاك الوقود من قبل السيارات الخاصة والحد من زحمة المرور والتلوث، ونحن في هذا البلد ليس لدينا أي وسيلة نقل عام، وأصبح حتى العامل الوافد بإمكانه أن يشتري سيارة بخمسة آلاف ريال يلوث بها البيئة ويزحم المرور، وهو مضطر إلى ذلك لأنه لا يجد وسيلة نقل أخرى، وأصبح المرور في المدن كالدخول في نفق مظلم، هذا عدا استهلاكنا الجائر للوقود، الذي أصبح بعض الخبراء يتوقعون أن ينضب بحلول عام 2030، ولهذا فإن ايجاد وسائل نقل عام مسألة بقاء أو فناء بالنسبة لنا.