تروج دولة الاحتلال الإسرائيلية بشكل ملفت وتحديدا عقب العدوان الاخير على غزة وحصول فلسطين على صفة دولة غير عضو في الاممالمتحدة لسيناريوهات عنف متوقعة في الضفة الغربية، مستندة في "رؤيتها" إلى تظاهرات غاضبة وصدامات معتادة وتتكرر أسبوعيا في العديد من مناطق التوسع الاستيطاني والجدار العنصري. وقد تحدث اليكس فيشمان المحلل العكسري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الأوسع انتشارا عن عقد جلسة مداولات خاصة عقدها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي قبل أسبوعين، بدعوى أن الظروف اللازمة لاندلاع انتفاضة جديدة في الضفة الغربية قد نضجت، وكل ما تبقى هو الشرارة التي ستشعلها. هذا السيناريو يعيد الى الاذهان الزيارة الاستفزازية التي قام بها مجرم الحرب أرئيل شارون في أواخر أيلول/سبتمبر 2000 الى المسجد الأقصى المبارك، بعدما وصلت طريق أوسلو طريقاً مسدودة تمثلت بتملص اسرائيل من تنفيذ المراحل النهائية والقاضية باستكمال الانسحاب من مناطق الضفة والقطاع وفقا لما نص عليه الاتفاق، والذهاب بالمقابل الى مفاوضات مارثونية دعا اليها الرئيس الأميركي الاسبق بيل كلينتون في كامب ديفيد والتي توجت بالفشل. في حينه كان بامكان رئيس الحكومة في حينه ايهود باراك وريث قيادة حزب العمل، ان يمنع زيارة شارون زعيم المعارضة الليكودي في حينه الى المسجد الاقصى، لمنع تدهور الاوضاع المشحونة اصلا بعد وصول عملية التسوية الى طريق مسدود، وكان بالامكان ايضا ان لا يتصرف الجيش الاسرائيلي بقدر اقل من الوحشية ويمتنع عن اراقة دماء الفلسطينيين، كما فعل بعد سنوات عندما تقرر هدم باب المغاربة في القدس. الا ان المخططات التي كانت مخبأة في ادراج اسرائيل بغض النظر عن حكوماتها كانت تقتضي بتوفير اجواء من العنف المتبادل من اجل وضعها موضع التنفيذ، فكان الجدار الذي تقررت اقامته ليرسم الحدود المستقبلية بين اسرائيل والمناطق الفلسطينية، بطول اكثر من ست مئة كيلومتر والذريعة الجاهزة هي منع تسلل المهاجمين الفلسطينيين الى اسرائيل لشن هجمات. والآن تخرج اسرائيل وعلى كافة المستويات للحديث تارة عن موجة عنف متوقعة في الاراضي الفلسطينية وتارة اخرى عن انتفاضة ثالثة، كل المؤشرات والدلائل تؤكد ان الشارع الفلسطيني غير مستعد لها. فيشمان، تحدث في مقال له الجمعة عن ما اسماه فرضية العمل الأساسية السائدة في مداولات أجهزة الأمن الإسرائيلية، بدعوى ان الظروف اللازمة لاندلاع انتفاضة جديدة في الضفة الغربية قد نضجت. وعلى هذا الأساس تقرر حاليا، وبشكل غير حاد، إجراء تغييرات في نمط عمل قيادة المنطقة الوسطى لجيش الاحتلال الإسرائيلي، بدءا من تغييرات تكتيكية في استعدادات وانتشار قوات الجيش للتعامل مع تظاهرات ومواجهات حاشدة، وانتهاء بإعداد قوات على أهبة الاستعداد تحسبا من حالات تلزم استدعاء قوات كبيرة في حال تدهور الأوضاع في الضفة الغربية. وبعبارة أخرى فإن الجيش يستعد مع قوات أكبر وبوسائل أكثر لتفريق التظاهرات. وادعى فيشمان ان عملية المصالحة بين السلطة وحماس شجعت أعمال العنف ضد إسرائيل. فقد توقفت السلطة الفلسطينية عن محاربة مؤسسات الدعوة التابعة لحماس ولم تعد تصادر الأموال، ولا تقوم بإغلاق المؤسسات الخيرية التابعة لحماس. فما الذي تخطط له اسرائيل؟ هل للامر علاقة بمستقبل "دولة فلسطين" غير العضو في الاممالمتحدة؟ وهل الامر متصل بما صدر على لسان العاهل الاردني الذي زار رام الله مؤخرا عن لقاءات تفاوضية بين الفلسطينيين والاسرائيليين في الفترة المقبلة، وهل للامر علاقة بما تردد على لسان البعض بشأن "الكونفيدرالية مع الاردن"؟.