هل ولدت الأحزاب والمنظمات الإسلامية الحديثة من مدرسة الإخوان المسلمين لتأخذ بعضها نهجاً متطرفاً، وآخر اتجاهات وسطياً، أم أنها جاءت نتيجة صدام تاريخي بدأ مع المحتل للبلدان العربية والإسلامية، إلى خلق إسرائيل على أرض فلسطين ثم نشوء أحزاب اشتراكية وقومية، وراديكالية، سجلت خيبتها من خلال هزائم عسكرية وفساد مالي، وسياسي.. لايوجد بلد عربي لم تنشأ به منظمة متطرفة، ففي الجزائر وبعد نجاح الجبهة الإسلامية للإنقاذ بكل الانتخابات أسقطها الجيش لتدخل حرباً أهلية مع كل الرموز مما تسبب في قتل الآلاف، وهو خطأ حول الجبهة من محاولة إدارة دولة إسلامية تنهج خطاً معتدلاً إلى أسلوب العنف، تلاها قيام القاعدة، التي اتخذت اسمها من مدينة يمنية لتنتشر على خارطة الوطن العربي والعالم الإسلامي، وأخطر قواعدها كان في العراق واليمن والمغرب، ولا تزال رغم انحسار بعض أعمالها، يتوالد فيها أجيال جديدة وبأساليب جديدة.. هناك مجاميع وتنظيمات بعضها ولد في ظل الربيع العربي، وأخرى اتخذت أسماء لمنظمات سبقتها بالتطرف، ونعرف كيف بدأت عناصر التكفير والهجرة بمصر باتخاذ الاغتيالات أسلوباً وهدفاً كجناح رافض لأي حوار أو اتجاه سلمي، حتى أن جماعات التوحيد والجهاد في بيت المقدس، كانت الامتداد لعناصر وفكر التكفير باتخاذ أسلوب العنف كأحد وسائلها.. حالياً بدأنا نرى بروز منظمات جديدة كالجماعات السلفية في تونس التي تنتهج خطاً مغايراً لحركات إسلامية وأحزاب علمانية، ولأن تونس قبل الثورة كانت أقرب إلى الدولة العلمانية، فإن الصراع الراهن، ما بعد الثورة، أفرز العديد من التشكيلات التي تراوحت بين الاشتراكي، والعلماني والعروبي والإسلامي، وهو أمر طبيعي في ظل شعب تنفس الحرية من جديد.. وكما في تونس، صرنا نرى في قاموس هذه الحركات تدخل فصائل جديدة في ليبيا التي ولد فيها أثناء الثورة كتيبة أنصار الشريعة وهي منظمة استولت على العديد من الأسلحة التي حصلوا عليها من جيش القذافي، وهي امتداد لسلوك وفكر القاعدة، وقد تنامت في مصر لتشكل مع بعض العناصر جبهة واحدة، مستغلة الظرف الذي تمر به مصر. وعلى كل حال فليبيا ربما تتضرر منها أكثر من مصر، حتى لو جاء على لائحة مسربة من كتيبة مصر قتل العشرات من رموز الفكر والصحافة والفن وبعض العناصر المعارضة لمشكلة الدستور وزعامة الرئيس مرسي.. في سوريا ولبنان بدأت تظهر على الواجهة جبهة النصرة وهي على منوال حركات التطرف الإسلامي، تريد أن تقوم بعملية تصفيات لمؤيدي نظام الأسد سواء كانوا علويين أو غيرهم، وقد تبنت العديد من العمليات التي لا تتفق وما تطرحه المعارضة والائتلاف الوطني والجيش الحر، حتى أن أمريكا ودولاً أخرى وضعتها على قائمة المنظمات الإرهابية المحظورة.. يبقى حزب الله والحوثيون، وهما جزء من الفصائل التي تدعمها وترعاها إيران، وفي كل الأحوال نحن نشهد صراعاً للتطرف يريد أن يكون البديل، وهذه المرة باتخاذ أساليب العنف كطريق للهيمنة والسلطة..