أربع شركات وجهات حكومية، أرامكو، سابك، شركات الكهرباء، والمؤسسة العام لتحلية المياه، أُعلن خلال مؤتمر القوات المسلحة الأسبوع المنصرم، عن أن جملة ما تستورده هذه الجهات الأربع أو تحتاجه من قطع الغيار يصل ما قيمته 200 مليار ريال (مائتا مليار ريال للتأكيد)، وهذا المبلغ فقط من أربع جهات، فماذا عن بقية الجهات الحكومية كوزارة النقل، البلديات، وزارة الصحة، وزارة الزراعة، وكثير من الهيئات والجهات، والقطاع الخاص كشركات الاتصالات، وشركات النقل، والمقاولات، وورش السيارات، وغيره الكثير مما يصعب حصرة هنا. كم تحتاج كل هذه الجهات من قطع غيار سنوي؟ متنوع ومتعدد الاستخدام؟ أقدرها بمليارات الريالات سنويا، هذا يعني أن لدينا سوقا ضخما للشراء والاستخدام، وجل ما يمول هذه القطاعات والشركات هو "الاستيراد" السؤال المباشر هنا، لماذا لا توجد لدينا صناعة "قطع الغيار" وهذه الصناعة مرنة وليست منتجا نهائيا يتعرض لمتغيرات السوق أو تقلباته، بل هي حاجة دائمة لا تتوقف، وتتغير بتغير المنتج ويسهل تغيير خطوط الإنتاج في كثير منها، ومعظم المشاريع التي تقام تظل تحتاج للصيانة وقطع الغيار لسنوات وسنوات. إن حجم ما ينفق على "قطع الغيار" لا يمكن أن اضع له إلا أرقاماً بمليارات الريالات سنويا، والدليل ما أُعلن عن الشركات الأربع التي ذكرت، وهذا يشكل استنزافا اقتصاديا هائلا وكبيرا، وبنفس الوقت فرصة استثمارية كبيرة حين نحسن استثمارها، وتفتح المجال على مصراعيه لكي نوطن صناعة قطع الغيار، والتي تبدأ من أبسط القطع وأصغرها، وهذا ما سيوفر صناعة رديفة للقطاع الصناعي، ويخلق فرص عمل لا حدود لها، ويوفر كثيرا من الإنفاق الحكومي وغير الحكومي من المشتريات الخارجية التي تشكل عبئاً كبيراً على الدولة، والمملكة تملك كل مقومات قيام هذه الصناعة بتدرج، وتحتاج تأهيل الشباب والشابات، والدعم المالي للقطاع الخاص، والتدريب، واستقطاب القدرات العالمية للتدريب والتعليم، وإلزام الشركات التي يتم الاستيراد منها بشروط التدريب والتعليم وهذا مهم جدا. يجب أن تعمل وزراة التجارة، وهيئة الاستثمار، والتنسيق مع الجهات الحكومية، والقطاع الخاص، لكي تعمل على تحديد الاحتياج، الذي على أساسه يمكن العمل على بناء أول لبنه لتأسيس هذه الصناعة التي ستحقق وفرا ودخلا كبيرين للدولة، وتوقف الهدر المالي الذي يذهب للخارج، وهذه المنتجات لا تتوقف يوما فهي مستمرة باستمرار الزمن والصناعة، وفي النهاية سنصل لمستويات صناعية أعلى وأفضل تصل لحد التصنيع، ولكن يجب استثمار هذه الفرصة بتأسيس صناعة قطع الغيار.