أقدمت وزارة العمل على إعفاء عمال النظافة من الرسوم التي فرضتها على العمالة الأجنبية في الشركات التي تقل نسبة السعودة فيها عن 50% ، وهذا اعتراف من الوزارة بأن هناك عمالة لا يمكن توطينها، لأن السعوديين لا يمكن أن يعملوا بها، والواقع أن هذه ظاهرة عالمية، ولسنا نحن بدعا فيها، ففي فرنسا التي أعيش فيها لم أشاهد فرنسيا قط يعمل في النظافة فمعظمهم أفريقيون، وإذا رجعنا إلى بلادنا فسنجد أن هناك أنواعاً كثيرة من العمالة لا يمكن توطينها لنفس السبب الذي يستحيل من أجله توطين عمال النظافة، وهذا خاصة في قطاع المقاولات، فمن الصعب أن نجد سعوديين يعملون في النجارة والحدادة والسباكة والتبليط وخلط الإسمنت والتمديدات الكهربائية، ثم تعالوا ننظر إلى المسألة من زاوية أخرى وهي أن كل أب سعودي يطمح إلى أن يتلقى ابنه تعليماً جامعياً أو ما فوق الجامعي، وهو قد يصرف جل دخله من أجل ذلك، وقد يرسله على حسابه إلى سويسرا أو إنجلترا ليتلقى تعليماً راقياً فيها، وبكلمات أخرى يسعى ما وسعه الجهد لكيلا يكون ابنه سباكاً أو حداداً أو نجاراً أو مبلطاً أو حارس أمن أو حتى كاشيرا أو بائع تجزئة، وهذا يسري بدون استثناء على جميع السعوديين، وإذن فيجب ألا نخطط ونعمل على توطين العمالة في المهن التي أشرت إليها، وطبعاً هناك أقلية نادرة من السعوديين الذين فشلوا في دراستهم وانتهى بهم الأمر إلى القبول في مهن متواضعة، ولكن النادر لا حكم له، ولهذا فإن فرض السعودة بالقوة في وظائف لا يتوفر للعمل فيها سعوديون، ومن ثم فرض رسوم على العمالة الأجنبية لتنفيذ هذا الفرض عمل جائر وتعسفي، وضرره كما قلت أكبر من نفعه، فلنكن واقعيين، وإذا أردت أن تطاع فامر بما يستطاع.