لا نزال نؤكد أن وسائل الإعلام، بمختلف أنواعها، تشكل مصدراً قويا ً للمعلومة بغض النظر عن كون هذه المعلومة سلبية أم إيجابية . ولا نزال نؤكد أن من واجبات من يمتهن الإعلام إبراز كل الصور المشرقة لبلاده والبعد قدر الإمكان عن كل ما فيه إساءة للوطن من قريب أو بعيد، وبما لا يتعارض مع المهنية والبحث عن المعلومة الصادقة، واستخدام النقد الهادف البنّاء كوسيلة فاعلة لتلافي الخطأ وتصحيح المسار . أقول هذا الكلام وأنا أستحضر أمامي عن السعودية نموذجين مختلفين أحدهما سلبي، والآخر إيجابي، وكيف أن وسائل الإعلام في الخارج تعتمد بدرجة كبيرة في حديثها عن المملكة على ما تنشره وسائل إعلامنا كونها أكثر التصاقاً وقرباً من مصدر المعلومة، وأكثر معايشة للحدث . في الأسبوع الماضي، ومع الأسف، قرأت في صحافتنا خبراً عن سيدة أعمال سعودية تعرض خمسة ملايين ريال لمن يتزوجها مسياراً على أن يكون رجلاً يقدر العشرة الزوجية وواجباتها، ويوافق على كافة الشروط التي ستطلعه عليها لاحقاً. مثل هذا الخبر المشين سرى في الأوساط الإعلامية سريان النار في الهشيم، ورأيناه ينشر بحذافيره في كثير من الصحف الخليجية والعربية، وربما الأجنبية، والصحف الإلكترونية، ووسائل التواصل الاجتماعي.. ولك أن تتخيل حجم ونوع تعليقات القراء من استهزاء بالمرأة السعودية والسعوديين عامة، وكيف أن المرأة الغنية تستطيع أن تشتري الزوج الذي تريد وفق شروطها. وزيادة في الامتهان، رافق الخبر المنشور صورة لهذه العزباء التي تريد شراء زوج لها وهي تبتسم ولسان حالها يقول (أنا ما يهمني ... كله بفلوسي) في الجانب الآخر الإيجابي قرأت في صحيفة الرياض الأسبوع الماضي عن تناقل وسائل الإعلام الاسترالية والدولية خبر اكتشاف الطالب السعودي ممدوح القثامي لجهاز جديد يساعد على علاج الأمراض السرطانية من خلال زيادة قوة الأشعة المستخدمة في علاج المرض باستخدام جزئيات نانو الذهب تسمى (بزمث) وذلك بالتعاون مع المعهد البريطاني لأبحاث السرطان وقسم الهندسة الكيميائية في جامعة ملبورن والهيئة الاسترالية للحماية من الأشعة وسلامة الطاقة النووية . ومن أبرز الصحف التي تناقلت الخبر صحيفة (ديلى تلغراف)، و(كيرير ميل)، وقناة (إس بي إس) والتاسعة الإخبارية . حين تتحدث هذه الوسائل الإعلامية الدولية عن هذا الخبر لابد لها وأن تشير إلى أن الباحث (سعودي) وإلى أهمية هذا الاكتشاف، ونحن على يقين بأن في كل ذلك إضافة إيجابية مشرفة للمملكة على العكس تماماً من خبر العزباء الراغبة في شراء زوج وفق شروطها . لابد لوسائل الإعلام أن تعي أبعاد ما تنشر، وأن هناك متربصين يبحثون عن كل ما فيه إساءة للمملكة أو مواطنيها، فلا ندع أنفسنا عبر وسائل إعلامنا أداة عون لهم، وعلينا أن نمحص وندقق في كل ما سنُطلع عليه الآخرين مستحضرين أن لدينا الكثير من العطاءات الخيّرة والإنجازات التي حريّ بنا نشرها وإيصالها للمتلقي في الداخل والخارج..