شعر المحاورة أو ( القلطة ) من أجمل فنون الشعر له عشاق كثر، ومحبون وجماهيرية كبيرة ليست على مستوى المملكة فحسب وإنما على مستوى دول الخليج.. فالمحاورة فن لا يجيده سوى الشاعر المقتدر والموهوب الذي يثبت مقدرته الشعرية داخل الميدان وبين صفوف الملعبة وأمام الجماهير. ومما يميز هذا الفن الأصيل أنه وليد اللحظة وعفوي، ويجمّل المحافل والمناسبات خاصة إذا أبدع الشاعران في الفتل والنقض قال عنه الشاعر طلال السعيد في كتابه "الشعر النبطي أصوله فنونه تطوره" (القلطة من الفنون المحبوبة لدى الجماهير حيث يحرص عليها الكثيرون، إلا أن ما يعيبها هو بعض الشعراء من المتطفلين على الشعر حين يخرجون عن حدود المعقول ويتعمدون التطاول على الخصم والتجريح الشخصي له) انتهى. وقد شاهدنا في الآونة الأخيرة محاورات لبعض الشعراء هابطة لا تمثل المحاورة الصحيحة.. ومع ذلك يبقى عطاء شاعر المحاورة المتمكن الجيد وإن ندر له قيمته، وإبداعه، وجماهيريته. ومع أن المحاورة الآن أصبحت الآن في مهب الريح إلا أننا لا نزال نأمل تحقيق الآمال، ونتطلع أن نشاهد محاورات قوية فيها روح التنافس الشريف، والارتقاء بالذائقة الأدبية، والأشعار المتجددة، والحماس الملتهب. وهذه محاورة جرت بين الشاعرين أحمد الناصر الشايع وفهد المحيشير القحطاني رحمه الله تقاسما فيها الإبداع واثبتا من خلالها جمال المحاورة، وحسن عتاب المحبة الذي قد يحصل بين الأصدقاء، وقوّة الفتل والنقض نقتطف منها: الناصر: أنا لي صاحب ما قد نشد عني ولا مرّه ولنّه شافني هلاّ مثل غيره يهليبي ولاني راجيٍ خيره.. ولاني خايف شرّه ولكن للرجال اسلوم وحقوق ومواجيبي المحيشير: أنا لي صاحب فيه أكثر العربان مغترّه يكمخني بوجهي مير في الضيقة يماريبي أنا ما خبر عليّ للناس مثقال ذرّه ولا حدٍ كاشف صدري ولا معطيه من جيبي الناصر: ولا له في السما طاري ولا له فالوطا جرّه وهو يبخس محلي والجفا كله عذاريبي رفيقك لو يجيه الموج لا سرّه ولا ضرّه سواة الطير ولرياح تقبل بي وتقفيبي المحيشير: يقولون العرب من طاوع الشيطان أبو مرّه تغيره الروابع فالقرايب والاصاحيبي صحيح أن هالسنة عنا سفينة نوح مفترّه أحد يقطف زهرها وأحد تقالبه اللواهيبي