يحتفل العالم كلّ عام باليوم العالمي للمعاقين، ومع هذا الاحتفال تسعى المجتمعات الى تطوير الخدمات التي تقدم لهذه الفئه التي لها نفس حقوق الآخرين حيث لم يعد من المقبول النظر الى المعاقين نظرة شفقة وانما المطلوب هو الاهتمام بحقوقهم واحتياجاتهم بما يمكنهم من التغلب على المعوقات والاسهام في تنمية وبناء المجتمع. وإذا كانت التقنيات الخاصة بخدمة المعاقين قد تطورت فإن البيئة العمرانية لم تتطور، كما أن الاهتمام بهذه الفئة الغالية لا يجب أن يرتبط بمناسبة سنوية يصاحبها وهج اعلامي بل هي قضية تستحق أن تعيش في كل تفاصيل حياتنا اليومية. القضية هي قضية توظيف وخدمات واحتياجات وفرص متساوية في الحقوق والواجبات. لو نظرنا الى قضية التوظيف فإن توظيف المعاقين لم يأخذ حقه الكافي من الاهتمام من حيث فتح مجالات توظيف أكثر وفرص تدريب مماثلة لما يتاح للآخرين بما يمكنهم من الاندماج في جميع مناشط الحياة. أما الخدمات والاحتياجات فهي لا حصر لها ودعونا في هذا المجال نرجع الى تقرير سابق أعدته جمعية حقوق الانسان عن حقوق المعاقين في المملكة حيث أشارت الى كثير من الحقوق ومنها أهمية الاهتمام ببرامج الكشف المبكر عن الإعاقه لدى الأطفال، وتوفير الرعاية الصحية والتأهيلية للأطفال المعاقين اضافة الى توفير الكوادر البشرية المؤهلة التي تتعامل مع الأطفال المعوقين وتقديم الدعم لاسرة المعوق بالمساواة في كافة الحقوق والخدمات مع اقرانه الأطفال. أما البيئة العمرانية فهناك حقوق كثيرة ومنها حق المعوق الكفيف بأن تزود الأرصفة بإشارات مرور صوتية، وان تكون الممرات والأرصفة التي يسيرون عليها خالية من العوائق والبروزات وأرضيتها من مواد خشنة مانعة للأنزلاق، وحق الكفيف بتوفير وسائل إيضاح مكتوبة بطريقة برايل، وان تكون للمعوقين أماكن خاصة لمواقف سياراتهم بنسبة لا تقل عن (5)% إن حقوق المعاق كثيرة ويصعب حصرها في هذا المقال، ومهما تحدثنا عن هذه الحقوق فإن الحديث الأصدق والأدق هو حديث المعاق نفسه عن حقوقه واحتياجاته ومطالبه فهو مشمول بحقوق الإنسان ومن أهم هذه الحقوق تأهيل المعاق وتدريبه ودمجه في المجتمع ليعيش حياة كريمة. وعلى سبيل المثال كنت استمع الى حديث احد المعاقين وهو (موظف حكومي) وكان يشتكي من أنه لا يحصل على فرص التدريب مثل الآخرين بسبب أن البيئة في معهد التدريب غير مهيأة لتقديم خدمات خاصة بالمعاقين. ويمكن القياس على المثال السابق في مجالات أخرى فالملاحظ أن البيئة العمرانية حتى الآن لا تتوفر فيها كافة الاحتياجات وغير مؤهلة لخدمة المعاق سواء في المنشآت الحكومية او الخاصة أو في الاسواق والمحلات التجارية والمجمعات السكنية، أو المعاهد والجامعات والمتنزهات ...الخ. والمشكلة ليست في وجود أنظمة واشتراطات بيئية وانما في التطبيق، وقد سمعنا بشكوى المعاقين من هذه المشكلة أثناء انتخابات المجالس البلدية ويبدو ان المرشحين لم يتطرقوا الى هذه القضية في حين يرى المختصون في تخطيط المدن ان البيئة العمرانية الحالية تعيق دمج المعاقين في المجتمع. وفي ظني أن هذه البيئة لو تطورت بما يتفق مع احتياجات المعاقين فسوف يكون تأثيرها في التوعية أقوى من تأثير المنتديات والندوات.