هل لديك حلم أو هدف تريد تحقيقه؟ هل تعيش حالة انتظار وترقب؟ هل تعتقد أن سعادتك هناك حيث تحقيق الهدف؟ حسناً.. أخبرني كيف تعيش وقتك الحالي.. قبل أن يتحقق الهدف ثم انظر إلى نصيحتي إليك.. احذر أن تضع سعادتك في خطة مسبوقة الصنع وإن كنت أنت من صنع تلك الخطة، لأنك بذلك تحدد داخل عقلك لوحة مفصلة كاملة لتصور السعادة لديك وهذا أمر في غاية التعاسة، فالذين اعتقدوا على سبيل المثال أن سعادتهم في منزل يسكنونه.. ما أن جاء ذلك المنزل حتى اكتشفوا أن الانتظار والترقب الذي سبق تحقيق الحلم كان حالة من القلق والتوتر أفسدت متعة الوصول والشعور بالسعادة الذي وصل إليهم وهم يدخلون ذلك المنزل كان أقل بكثير من الصورة التي رسموها في خيالهم، وأولئك الذين جاهدوا من أجل الوصول إلى وظيفة معينة أو درجة علمية او اجتماعية محددة كانوا يرسمونها في أذهانهم؛ بمجرد وصولهم إليها اكتشفوا كم أن السعادة كائن مراوغ لا يمكن الإمساك به مهما بلغت من الصبر والحكمة طالما أنت تضع له مصيدة مسبقة وستحقق النصر عليه حين تأخذه على غفلة بحيث لا يستعد مطلقاً لقبضتك..! ماذا يعني هذا الكلام..؟ يعني أن انشغال ذهنك فيما تريده أن يتحقق " لاحظ كلمة انشغال "؛ يعتبر هدرا للطاقة ومضيعة لوقتك ومتعة روحك؛ وتجاهلاً للجمال والمتعة التي تجلبها لك الحياة إلى حيث تقف، إنها الطريقة المثلى للحياة بتعاسة مطلقة وستكون حياتك حينها سلسلة من الإحباطات بدل أن تكون سلسلة من التجارب والمغامرات؛ ولاشك أن الفرق شاسع بين الحالة الأولى والثانية. لاشيء في الحياة يمكن أن يتسبب في تعاستك لو أنك لم تكن تضع في ذهنك حالة أو هدفاً معيناً تبحث عنه.. فضلاً اقرأ عبارتي السابقة مرة أخرى، فهل معنى ذلك أنني أدعو لعدم وضع أي أهداف أو أحلام...؟ وضع الأهداف لا يتعارض مع الاستمتاع الآن بكل ما يجلبه لك الله من نعم ومتع، بمعنى أن الذين يرسمون هدفاً معيناً في حياتهم ويعتقدون أن سعادتهم حين يصلون إلى هذا الهدف وقد وضعوا له لوحة خاصة بملامح معينة ويتشبثون بتلك اللوحة سوف تصدمهم الحياة حين يصلون إلى مبتغاهم بأن لا شيء في الحياة يستحق الانتظار وأن المتعة الحقيقية في أن نعيش اللحظة ونحيا تفاصيل" الآن " وحين أقول أن نعيش " الآن " أعني حتى مشاعر الحزن التي نهرب منها لا داعي أن نهرب فلنقابلها ونتعرف على تلك الأحاسيس، حتى البكاء والحزن حين يأتيك لأي سبب؛ دعه يأتي براحته ولا تمنعه من أن يبكيك أو يجعلك تصرخ بأعلى صوتك لأنك بعدها سوف تهدأ وتفيق على حقيقة تقول لك إن مقاومتك وخوفك من أي شيء؛ تجعله يأتيك بشكل أسرع وأقوى؛ تأمل في كل حدث يأتي إليك واعلم أنه لا يأتيك عابثاً عشوائياً بل محملاً برسالة معينة حاول أن تفهمها لتأتي ما بعدها أجمل. ما أود قوله أن أفكارنا المتعلقة بالسعادة هي سبب تعاستنا لأنها تجعلنا نعيش حياة الانتظار وبعد أن تتحقق نعيش حالة انتظار آخر لحدث آخر قادم.. وهكذا نعيش حياتنا من محطة انتظار إلى أخرى... حلقة مفرغة من الانتظارات. ماذا بعد؟ انتظار جديد آخر..؟؟؟ متى نعيش اللحظة ؟ متى نستمتع ب " الآن " ثم ماذا لو لم تثمر التوقعات ما نريده وننظره ؟ ما الذي يحدث حين يخذلك الواقع ؟ لذلك انظر داخلك الآن وعش حياتك وفق اللحظة الحالية.. أما أهدافك وأحلامك فضع صورتها التي تريدها ثم أطلقها لمشيئة الله وحده ولا تفكر كثيرا بكيفية تحقيقها أو تفاصيل تنفيذها، لا تدع التفكير بالمفقود يشغلك عن الاستمتاع بالموجود.