من أحدث المسرحيات التي تعرض في العاصمة البريطانية لندن، مسرحية ذات فكرة مختلفة، وإخراج مختلف، بعيداً عن المسرحيات الموسيقية التي لها جمهورها وبعيداً عن التكلف في الاخراج والديكور والملابس، تأتي هذه المسرحية بممثلين فقط، يعيدان تكرار نفس المشاهد! حيث تُبنى المسرحية على فكرة "وجود مدارات أخرى نعيش فيها نفس اللحظة ونفس الظروف لكن تصرفاتنا تكون مختلفة" تبتعد المسرحية عن نقاش نظرية علمية إلى محاولة اختبار فكرة:"ماذا لو؟" فكرة:" الخيارات البديلة" بطريقة غير مباشرة فهي تريك المشهد بنفس الممثلين ونفس الموقف لكن في كل مرة تتغير تصرفاتهما وتفاعلهما، فكأنك تختبر خياراتك كإنسان في موقف ما وتشاهد نتائجها. لا تشعر بمرور الزمن في هذه المسرحية، ولا تنظر تغييرا في الأثاث ولا الملابس، ولا حتى ذلك التغيير الجذري في المشهد بقدر ما هو تغيير في الحوار وتغيير في المشاعر؛ حيث يتنقل الممثل في ثانية من قمة الغضب إلى قمة الرضا والهدوء ومن حالة سعادة إلى حالة أسى، ومن قدرة على التكلم والحوار إلى حالة ضياع الحروف والكلمات بتأثير مرض خبيث. يمكنك أن تخرج من المسرحية وأنت تتحدث عن النظريات الفيزيائية وتتناقش عن الاحتماليات والحسابات الرياضية أو عن فلسفة ويليام جيمس في نظرته للزمان والمكان . وقد تخرج من المسرحية وأنت تراجع كل خياراتك الحياتية متسائلا عن السيناريو البديل متأملا في المواقف التي مررت بها وفي التصرفات التي قمت بها فلخياراتك نتائج وأنت واع بها جيدا، وقد تخرج متسائلا هل حكت المسرحية عن قصة حب لنفس الأشخاص بسيناريوهات مختلفة، هل حكت المسرحية عن قصة مرض تحول فتاة إلى كائن غير قادر على فهم الكلمات أو إيصالها، هل تحكي عن نهاية الحب أو بدايته أو حتى عدم حدوثه؟! هل تتحدث المسرحية عن الذي حدث أو الذي لم يحدث عن الماضي عن المستقبل أم عن اللحظة الحالية وتأثيرها المستقبلي؟ وقد تخرج متخماً بالفن، بالفكرة، وبتنفيذ هذه الفكرة وبالابداع الشخصي للممثلين اللذين لم يشعراك بالملل أو رتابة الأحداث. في زمنٍ التركيزُ على المؤثرات البصرية كبير تأتي هذه المسرحية لتخاطب عقلنا ومشاعرنا بشكل مختلف، هنا النص والممثل هما أدوات نجاح هذه المسرحي.