لم يعد خافياً أن التحديات التي تطرحها وسائط المعرفة التعليمية في العالم الحديث،أصبحت تشكل اختباراً حقيقياً لجدوى العملية التعلمية المرتكزة على استثمار ذكاء الطلاب. وبما أن المنافسة على توفير بنيات حديثة لوسائط التعليم أصبحت فضاء مفتوحاً، في ظل ثورة الاتصالات والمعلومات، فإن الرهان على فاعلية وجدوى التعليم عبر نشر ثقافة البحث والتعليم باتباع تطبيق الأساليب العلمية، من خلال التجارب اليومية، جعلت أرامكو السعودية تقرر إطلاق مبادرتها الإثرائية (أتألق ispark) بالتعاون مع شركة تطوير للخدمات التعليمية ووزارة التربية والتعليم، مطلقة برنامجها في العشرين من ذي القعدة لعام 1433ه (6 أكتوبر 2012م)، يهدف البرنامج إلى زيادة المدارس الحكومية التابعة بالتعاون مع مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام (تطوير)، وذلك من أجل تحويل المجتمع السعودي إلى مجتمع قائم على المعرفة، والتركيز على التعليم الحديث، وتقديم المهارات الإبداعية لطلاب وطالبات المدارس، ومساعدتهم أيضاً على بناء شخصياتهم واختيار تخصصاتهم العلمية مستقبلاً، إلى جانب إلهامهم نحو الإثراء والمعرفة، وقد زار البرنامج حتى الآن 14 مدرسة للبنين و12 مدرسة للبنات في الدماموالخبر والظهران، مثرياً ما يقرب من 2500 طالب وطالبة. ويوضح المشرف على برنامج (أتألق ispark) بأرامكو السعودية الأستاذ عبدالله الجويبر أن البرنامج قام على تصميم محتواه التعليمي قاعة لورانس للعلوم التابعة لجامعة كاليفورنيا بيركلي، وشركة المواهب الوطنية، إلى جانب قيامهما على تدريب الكادر السعودي الذي يعمل الآن بشكل حيوي لايصال التجربة الثرية والرائدة إلى المدارس التي ستحظى بزيارة البرنامج. ويضيف الجويبر موضحاً أهمية القائمين على تصميم البرنامج قائلاً: «إن جامعة كاليفورنيا بيركل تعد الثانية في مجال العلوم والرياضيات، والثالثة في مجال الهندسة والتكنولوجيا على مستوى العالم، وذلك حسب تصنيف شنغهاي للجامعات العالمية عام 2011م ووجودها كشريك مهم في إعداد هذا البرنامج سيضيف الكثير له». ويتكون برنامج (أتألق ispark) من أربع دورات، وتقوم أربع سيارات تحمل كل منها دورتين بزيارة أربع مدارس في المنطقة الشرقية أسبوعياً، مدرستين للأولاد ومدرستين للبنات، وخلال هذه الزيارة تقام دورتان على فترتين زمنيتين مختلفتين، الفترة الأولى تبدأ نشاطها من الساعة 7.00 - 10.00 صباحاً، أما الفترة الثانية 10.30 - 2.00 عصراً وتوضح مديرة مشروع برنامج (أتألق ispark) الأستاذة شيرين صالح العبدالرحمن قائلة: «إننا نقوم على تدريب 200 طالب و200 طالبة في كل أسبوع، أي أن حصيلتنا النهائية تتكون من 400 مستفيد من برنامجنا الذي نقوم به من خلال مراحله الأولى بتقديم خدماتنا في مدارس المنطقة الشرقيةالخبروالدمام والأحساء والقطيف، ونطمح مستقبلاً في زيارة جميع مدارس المملكة دون استثناء، من أجل أن يستفيد جميع طلاب وطالبات المملكة». وتضيف: «في كل مدرسة نقوم بتطبيق اثنين من البرامج التي تم تحديدها مسبقاً وهي:شفرة الحياة، وطاقة للعالم،وجسور، والمدينة المثالية. مدة تطبيق البرنامج في كل مدرسة هي أسبوع تبدأ من يوم السبت وتنتهي يوم الأربعاء». أما عن هوية البرنامج فكل مجموعة تحتوي على 25 طالباً وطالبة بإجمالي100 طالب في كل مدرسة خلال الأسبوع الواحد، ويتم ترشيح الطلاب من قبل إدارة المدرسة، ويقوم فريق أتألق المدارس، بالتواصل مع كل مدرسة لتحديد موعد لتقييم وضع المدرسة والفصول الدراسية للتأكد من جاهزيتها وتوفير احتياجات تطبيق البرنامج والسلامة، كما يتم تحديد كل برنامج بلون وهوية محددة، ويتعرف كل طالب على مجموعته من خلال البطاقة الخاصة به، والتي تحمل هوية البرنامج الذي تم إلحاقه به. كما أن جميع الطلبة الذين يحضرون البرنامج كاملاً، سيتحصلون على شهادات خاصة بالبرنامج الذي يأمل القائمون عليه بأن يكون ملهماً لمرتاديه. وعبر «دورة الجسور ومتعة الهندسة» كل أربعاء، يبتهج مائة طالب ومائة طالبة بمناسبة الانتهاء من الدورة التدريبية، وتقديمه مشروعه إلى مدير المدرسة والمدرسين وأولياء الأمور، وقد كان يوماً باذخاً ذلك الذي قمنا فيه بحضور حفل ختام نشاط طالبات مدرسة الواحدة والثلاثين الثانوية في الدمام، حيث تم تخريج مائة طالبة ممن انضممن إلى دورتي الجسور وكشف سر الحياة، وتقول المدربة أناة المدني من صف الجسور «أقدم لأسبوع كامل للمشتركات من الطالبات فكرة مبسطة عن الهندسة، وأقوم بشرح مفهوم الهندسة لهن حيث أخبرهن أن الهندسة هي بناء شيء يحتاج إليه الإنسان بأقل التكاليف وأعلى جودة، وبعد ذلك انطلق في الحديث مع الطالبات خلال خمسة أيام عن الجسور القوية، وكيف توزع الأشكال المختلفة القوى، إضافة إلى تصميم وإنشاء الجسور، والتعاون لإبداع وبناء هياكل متعددة، وتشير مدني إلى أنه في نهاية كل برنامج، تتمكن الطالبات من الاستفادة من قدراتهن الإبداعية والمعرفة الهيكلية التي تشكلت لإنشاء ما قاموا به. وعن تأثير البرنامج على الطالبات تضيف لولو العامر مدربة صف كشف سر الحياة، إلى أنها استطاعت من خلال تجربتها التي تتجاوز شهراً مع الطالبات إلى تعميق العلاقة بينها وبين الطالبات، حتى تسهل معها مهمة إعطائهن المعلومات العلمية، وتقول: «تعلمت الطالبات كشف أسرار الحمض النووي (DNA) والمعلومات الأساسية للحياة، والتعرف على علم الوراثة وأسباب التشابه والاختلاف وكيفية استخدام علم الوراثة وحل الأسئلة في الواقع في مجال الطب والطب الشرعي، كما قمت مع الطالبات بإجراء التدريب العملي على استخدام تقنيات التحقيقات العلمية الحالية والأدوات واستخدام هذه التقنيات». فيما تؤكد مديرة مدرسة الواحدة والثمانين الثانية للبنات في الدمام الأستاذة سميرة حاتم العكاسي إلى مدى سعادتها بوجول هذا البرنامج في مدرستها، وتقول: «كنا محظوظين لأن طالبات المدرسة حظين بهذا البرنامج، ولقد أثر كثيراً على طالبات الصف الأول الثانوي، إذ جاء في وقت مناسب حيث استطاع تحفيزهن على الاستمرارية في تقديم أقصى ما لديهن ولاحظنا الفرق من خلال تواجدهن في الصفوف قبل الوقت المحدد وإبداعهن ورغبتهن في تمديد الفترة الزمنية، وأنا أشيد بهذا التطور الكبير الذي يأتي من خلال ما يشير له خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في اقراراته نحو التعليم».