لا يمكن النظر لاجتماع وزراء الدفاع الخليجي برئاسة سمو ولي العهد وزير الدفاع الأمير سلمان أنه معادل لاجتماعات وزارية أخرى حتى على أهميتها، فهذه الدول تواجه تحالفا إيرانيا عراقيا لهما مواقف أقرب للعدائية، وعدم إخفاء مطامحهما بهذه الدول، وسواء جاء الاجتماع دورياً وعادياً، أو وصل إلى قناعة، لأن الأمن الخليجي له الأولوية في أي مشروع مشترك.. المخاطر لم تنشأ من واقع جديد، بل أن تجربة احتلال الكويت من قبل صدام حسين أعادت النظر بالسياسة الأمنية لهذه الدول، وضرورة أن تخرج من مراحل الدراسات والتوصيات إلى مباشرة العمل المباشر، خاصة بنظام التسلح وإنشاء مراكز بحث علمي، وتشكيل قيادات موحدة لإقامة بنية عسكرية تعتمد على الذات، وعلى الإمكانات الموجودة مادياً وبشرياً.. فامتلاك منظومة دفاعية، وأخرى هجومية لصد أي عدوان مباشر أو منتظر لا يخضع للرغبة الأحادية الجانب طالما المصير مشترك، وعملية تأسيس خطى جديدة تتناسب وحجم التحديات إذ ندرك أن هناك من يريد خلق زوابع بين فئات المجتمع الواحد، وتشجيع سياسة الانقسام، وهناك سعي لجعل الفوضى من خلال تطرف بعض العناصر هدفاً لخدمة أغراض دول إقليمية أو حتى عربية.. فدرع الجزيرة يحتاج إلى تفعيل وتطوير في أدواته وخططه بصرف النظر عن الحجم الاقليمي والتعدد السكاني، إذا ما خضع لجعل النخبة هي من تشكله وتقوده من العناصر الوطنية وبيئة العمل الواحد تفرض أن نطرح الآراء والأفكار حول أمننا الوطني، بما لا يتعارض عن سيادة واستقلال أي بلد، ولعلنا نتذكر الأحلاف العسكرية الكبرى، وكيف تم تشكيلها وتوحيدها دون إخلال بحالة أي بلد، ودول الخليج تملك الرابط الجغرافي والسكاني وتدرك أن ثرواتها لا تحميها قوى خارجية، لأن الضمانات تخضع لمصالحها، ونحن في موقع جغرافي حساس، وإدراك أن تكامل الاستراتيجيات حول جيش واحد، وبتقنيات عليا، هو ما يفرض هيبة هذه الدول وسلامتها من أي عدو داخلي أو خارجي.. وجود أكاديميات عسكرية، وقيادات حصلت على مؤهلات عليا من كليات عالمية مرموقة بمختلف التخصصات العسكرية في القوات الجوية أو المشاة أو البحرية يجعل التنسيق بين هذه المراكز العسكرية وحدة واحدة، لأن التكامل في الوحدات المختلفة وإقامة المناورات والدورات بينها وجعل القيادة الموحدة هي من ترسم الخطوات وتقدم الدراسات في امتلاك أحدث المعدات المتاحة، هي جزء من مهمات أمنية أساسية.. نحن محاطون بدول يختلف وضعها الأمني والسياسي، سواء كانت عربية أو إقليمية، وخاصة الحالة اليمنية التي رغم مساعي دول الخليج بالدخول بقوة في ضمان وحدة اليمن وعدم وصوله إلى حالة فقدان التوازن، إلاّ أن المستقبل المجهول يفترض كل الاحتمالات وحقيقة أن ندخل في شراكة وتعاون مع قوى كبرى أمر تقرره مصالحنا بعيداً عن تعليلات وتفسيرات الآخرين، وبالتالي فإن هذا المؤتمر ربما يؤسس لخطوات جديدة تضعنا على نفس المرتبة مع القوى الصديقة، وتدفع عنا العدوة..