أوضح "د. محمد بن إبراهيم السيف" -أستاذ علم الاجتماع بجامعة القصيم- أن تربية كثير من الأسر لأبنائها تفتقد إلى عدم تعويدهم على تحمّل المسؤولية، وتعزيز الرقابة الذاتية، والتمييز بين الصح والخطأ، إلى جانب كشف أخطائهم وإصلاحها، ومتابعة تصرفاتهم، مبيناً أن الطفل ينشأ ولا يكون لديه علاقة منفتحة مع والديه؛ مما يخلق فجوةً بين الطفل والوالدين، ولا يستطيعان سماع وتحقيق ما يريده، حيث أن ضعف الحوار في الأسرة يسبب عدم تقارب بين أفرادها، مما يجعل بعضهم يعمل سلوكيات بعيداً عن أعين الآخرين. لا تحرم ابنك من وسائل الترفيه وإنما اصنع لديه رقابة ذاتية وقال إن طريقة بعض الآباء في تلك التربية ترجع إلى كونهم مرّوا بتجارب سابقة ربما تكون سيئة في حياتهم، ويحاولون أن يُطبّقوا تلك التجارب مع أولادهم، حيث أنهم ينقلون نماذج سابقة لجيلهم الذي أصبح مختلفاً تماماً عن جيل أبنائهم الحالي جرّاء توسع العديد من الثقافات، مبيناً أن منهج الوالدين في التربية هو الأساس، فلا يمكن إلقاء اللوم على الطفل في أي عمل يتصرفه بمعزل عن أعين الناس وبموافقة الوالدين؛ لأن الآباء والأمهات مرّوا بتجارب غير صحيحة ونقلوها إلى أولادهم، وتستمر معهم إلى الجيل الآخر، ويعتقدون أن هذه التجارب يمكن أنهم تجاوزوها، ولكن ذلك إن كان فإنه مر بمعوقات أو طرق غير صحيحة، وبالتالي ينقلون خبراتهم الفاشلة إلى أبنائهم وبناتهم دون أن ينتبهوا إلى ذلك، حيث يكون لدى الوالدين نقص في التربية، بينما لو كانوا أكثر شفافية مع أولادهم استطاعوا توعية أبنائهم؛ مما جعل الخلل ينتقل إلى الأبناء وربما دون قصد منهم وإدراك بخطورة هذا الأمر. وأضاف أن أخطاء التربية تشتمل على تعامل الوالدين مع أبنائهم بطريقة تربيتهم في الماضي، على الرغم من تغيّر البيئة خلاف التعايش مع جيلين مختلفين ومتناقضين، ونشأت بينهم بيئة مختلفة شكّلت صراعاً ثقافياً واجتماعياً، وكلٌ لديه مبادئه وضوابطه وقيمه، مشيراً إلى أن عدم التقارب بين الجيلين يُشكّل لديهم حاجزاً لا يمكن الوصول إليه بطريقة سليمة، ولا يمكن تربيتهم بطريقة تتناسب مع التطور الذي يتعايشون معه. ودعا إلى وضع استراتيجية حديثة لتعديل التربية لدى أولياء الأمور؛ لأنهم أصبحوا يتعاملون مع جيل جديد بكامل متغيراته، والبرنامج اليومي المُتبع في الماضي أصبح لا يتماشى مع الحاضر، مشيداً بدور مؤسسات المجتمع المدني في التوعية وإقامة الدورات؛ لإيصال رسائل تربوية ومسايرة المتغيرات الحديثة التي تمكن الآباء يسايرون تفكير أبنائهم وتقلّص الثغرات بينهم، لا سيما في جيل أصبح لديه وسائل اتصال متعددة، ومواقع تواصل اجتماعي وغيرها، ما يجعل الآباء مطالبين بإيجاد أسس وقواعد يسيرون عليها وتتناسب معهم دون منعهم أو اجبارهم على أشياء أخرى وتوريثهم مجالات وسبل لا يرغبونها، إضافة إلى عدم منعهم من أي عمل أو سلوك، وإنما مراقبتهم، والتحكم بالمدة الزمنية، فمثلاً لا يصح منع الأبناء من استخدام "النت" وإنما تحديد وقت معين حتى لا يتوسع الابن في مواقع ينغمس فيها دون أن يعرف خفاياها، وربما ينتج العديد من المشكلات، منوّهاً بأهمية التحاور مع الأبناء عما شاهدوه في "النت"؛ حتى لا تكون هناك حواجز تضطر الأب أو الابن إلى عمل تصرفات خفية.