حذر الباحث في الإعجاز العلمي الدكتور حذيفة أحمد الخراط من خطورة اللجوء إلى "الطب الشعبي" والاستعانة ببعض الوصفات التي يروج لها "العطارين" لمعالجة الحروق والتخفيف من اثرها على المصاب (المريض)، مؤكداً أن هذه الخلطات ليس لها أسس علمية أو طبية وتتسبب في مضاعفات الحروق على جسم الإنسان . جاء ذلك في محاضرة بنادي المدينة الأدبي بعنوان (إعجاز في آية) قام خلالها طبيب الجراحة والتجميل بمستشفى الملك فهد بالمدينةالمنورة بإلقاء الضوء على الإعجاز اللغوي والعلمي والأدبي في قول الله تعالى (إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب). واستعرض الخراط بأسلوب علمي رائع التكامل بين الطب الحديث والثقافة والأدب في ما حملته الآية الكريمة من إعجاز مبيناً مجموعة من الحقائق العلمية المتعلقة بخلْق جلد الإنسان وصفاته وخصائصه مع ذكر عدد من النصوص القرآنية ذات العلاقة شدت انتباه الحاضرين واستحوذت على اعجاب المهتمين بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم، ومما زاد المحاضرة جاذبية وتأثيراً استخدام المحاضر تقنيات العرض الضوئي التي أظهرت صورة جلد الإنسان وتكوينه وأجزاءه وأدق تفاصيله . واستهل الخراط محاضرته التي أدارها الشاعر مروان المزيني بافتتاحية عرف فيها القرآن الكريم وأهمية الإعجاز العلمي فيه وقيمة ما كشفته البحوث العلمية القرآنية في مجاله من حقائق وأسرار تؤكد بمجموعها عظمة خلق الله في جلد الإنسان، وقال إذا ألقينا نظرة على خارطة الجلد نجد قدرة الخالق تتجلى بتوزع أعصاب الإحساس فيه بشكل بديع، حيث أثبت الطب الحديث وعلم التشريح أن هناك ما يقرب من 15 مركزًا لمختلف أنواع الإحساس العصبي قد تم اكتشافها من قبل علماء الطب والتشريح، وقد حمل بعضها أسماء مكتشفيها. ومضى المحاضر يقول إن الطب الحديث وأجهزته الدقيقة المتطورة أسهمت في معرفة الباحثين لكثير من الحقائق في عظمة الله في تكوين جلد الإنسان وبمقارنة تلك الحقائق العلمية مع ما ورد في القرآن الكريم من الإشارات العلمية حول الجلد وكونه مختصّا بنقل الإحساسات المتنوعة، يتأكد لنا أن هذا القرآن الكريم هو كلام الله خالق الكون ومبدع الإنسان، وأنه هو الذي أوحى بتلك الحقائق إلى نبيه صلى الله عليه وسلم. وعن أوجه الإعجاز في (الآية) قال المحاضر أثبت التشريح أن الألياف العصبية الخاصة بالألم والحرارة متقاربة جدًّا، كما بين الطريق الذي تسلكه الألياف العصبية الناقلة للألم والحرارة حيث تدخل النخاع الشوكي وبعده إلى المخيخ ثم إلى الدماغ المتوسط ومنه إلى المهاد ثم إلى تلافيف الفص المهادي للمخ وهذا ما يؤكد أن الجلد من أهم أجزاء جسم الإنسان إحساسًا بالألم، نظرًا لأنه الجزء الأغنى بنهايات الأعصاب الناقلة للألم والحرارة . وخلص المحاضر أن جلد الإنسان محل العذاب فربط عز وجل بين الجلد والإحساس بالألم ، فتبين بذلك أن الجلد وسيلة إحساس الكافرين بعذاب النار، وأنه حينما ينضج الجلد ويحترق ويفقد تركيبه ووظيفته ويتلاشى الإحساس بألم العذاب يستبدل بجلد جديد مكتمل التركيب تام الوظيفة، تقوم فيه النهايات العصبية المتخصصة بالإحساس بالحرارة وبآلام الحريق بأداء دورها ومهمتها، لتجعل هذا الإنسان الكافر بآيات الله تعالى يذوق عذاب الاحتراق بالنار، وبين أن العلم الحديث اكتشف أن النهايات العصبية المتخصصة للإحساس بالحرارة وآلام الحريق لا توجد بكثافة إلا في الجلد، ولفت أنه ما كان بوسع أحد من البشر قبل اختراع المجهر وتقدم علم التشريح الدقيق أن يعرف هذه الحقائق التي أشار إليها القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنًا لتتجلى المعجزة وتظهر في الاية الكريمة. واختتم المحاضر بتساؤل عن الجلود العاصية إذا احترق فلو خلق الله مكانها جلوداً أخرى وعذبها كان هذا تعذيباً لمن لم يعص وهو غير مقبول عقلاً، وبين في إجابته على ذلك أن الذات واحدة والمتبدل هو الصفة، فإذا كانت الذات واحدة كان العذاب لم يصل إلا إلى العاصي ، وعلى هذا التقدير المراد هو التغاير في الصفة والمعذب هو الإنسان، وذلك لأن الجلد ما كان جزءًا من ماهية الإنسان، فإذا جدد الله الجلد وصار ذلك الجلد الجديد سبباً لوصول العذاب إليه لم يكن ذلك تعذيباً إلا للعاصي.